توقّعت «مؤسسة التنمية الدولية» التابعة للبنك الدولي، استمرار تراجع إنتاج النفط في اليمن، ما يفاقم الأزمات التي يعانيها على خلفية قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية. كما توقّعت في «وثيقة التقويم المسبق لمشروع الطريق الدولي السريع»، أن ينفد المخزون النفطي اليمني بحلول عام 2021، في حال عدم التوصل إلى استكشافات نفطية جديدة. وجاء في الوثيقة: «في حين أن عائدات الدولة من إنتاج الغاز الطبيعي وتصديره ستقدّم بعض المساندة، لكن لا يمكنها أن تعوّض عن فقدان عائدات النفط». كما أفاد «التقويم الاجتماعي والاقتصادي المشترك» للأزمة في اليمن والذي أعدّه البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و «البنك الإسلامي للتنمية» بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، بأن «إنتاج اليمن واحتياطاته من النفط آخذة في الانخفاض مع عواقب مالية شديدة الخطورة». وأشار التقويم الصادر أخيراً بأن «الاقتصاد اليمني غارق في دورة النمو البطيء، ما أدّى إلى ركود دخل الفرد وارتفاع مستويات البطالة بخاصة في أوساط الشباب». ويؤمّن النفط أكثر من 70 في المئة من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة، ويشكّل أكثر من 90 في المئة من قيمة الصادرات. ويقدّر عجز الموازنة هذه السنة بـ 8.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكّد البنك المركزي اليمني في أحدث تقاريره الشهرية حول التطورات النقدية والمصرفية تراجع إنتاج النفط، إذ بلغت الصادرات النفطية في النصف الأول من السنة 8.4 مليون برميل قيمتها 930.4 مليون دولار والاستهلاك المحلي 9.3 مليون برميل، في مقابل 12.3 مليون برميل بقيمة 1.3 بليون دولار واستهلاك محلي «12.3 مليون برميل» في الفترة ذاتها من العام الماضي. وكانت صادرات اليمن النفطية سجّلت عام 2000 أعلى مستوياتها وبلغت 71.8 مليون برميل، والاستهلاك المحلي 31.1 مليون برميل، إلا أنها استمرت في التراجع حتى وصلت عام 2012 إلى 31.08 مليون برميل والاستهلاك المحلي إلى 7.7 مليون برميل. وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي كشف أخيراً أن 34 شركة استكشاف نفطي غادرت البلاد «بعد أن كادت أن تستخرج النفط، قلقاً وخوفاً من العمليات الإرهابية». وقدّر صندوق النقد في بيان، إنتاج اليمن حالياً بـ 167 ألف برميل يومياً، تراجعاً من 264 ألف برميل يومياً عام 2010. وأشار إلى أن موقف الاقتصاد الكلي ظل مستقراً نسبياً عام 2013، كما ظل النمو في حدود معتدلة، إذ استمر النمو المضّطرد خارج قطاع النفط والغاز بمعدل 4 في المئة تقريباً، بينما شهد النمو تحسّناً قوياً في قطاع النفط والغاز، ما عوّض جانباً من انخفاض الناتج النفطي في السنتين السابقتين. وتوقّع تضاعف نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيق إلى نحو 5 في المئة، لافتاً إلى «حدوث ارتفاع طفيف في متوسط التضخّم ليصل إلى 11 في المئة (صعوداً من نحو 10 في المئة في 2012) كما ظل سعر الصرف مستقراً، وسجّل التضخّم بعض الانخفاض في النصف الأول من العام الحالي، لكن إنتاج النفط انخفض بسبب أعمال التخريب، ما أدّى إلى نقص حاد في إمدادات الوقود والكهرباء». وأضاف أن الفقر وبطالة الشباب يبلغان نحو 54 في المئة و45 في المئة بالترتيب، وهما من أعلى المعدّلات على مستوى العالم. كذلك استمر تراجع الاستثمار في البنية التحتية، ولا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر مركّزاً في قطاع النفط والغاز الذي يشغّل نسبة بسيطة من القوة العاملة. ورأى الباحث عبد الودود شرف الزبيري في دراسة أعدّها، أن هناك تنوّعاً جيّداً نسبياً في الاقتصاد اليمني ولكنه ليس كافياً لتعزيز قدرات الاقتصاد على النمو ومواجهة الصدمات الاقتصادية، بخاصة في لجوئه إلى الموارد الخارجية في تلبية الكثير من متطلّباته الاستثمارية والاستهلاكية والإنتاجية والوسيطة. وقال إن المجتمع لن يحقق أهدافه التنموية إلا بإعادة تعبئة موارده المحلية المختلفة ورفع كفاءة استخدامها وتوظيفها بعقلانية وفق أولوياته التنموية وأسس الحوكمة الرشيدة ومعايير الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي تعزيز قدرات التنويع الاقتصادي. واعتبر أن ذلك أيضاً لن يتحقق إلا بالتوجّه نحو القطاعات الواعدة بالتدخلات الاستراتيجية والسياسات الواعية الداعمة لتهيئة البيئة العامة ورفع القدرات المؤسسية لتوفير خدمات الأعمال، وبالشراكة مع مختلف شركاء التنمية من القطاع الخاص والمانحين بهدف تحقيق تنمية مستدامة ونمو يرفع المستوى المعيشي لأفراد المجتمع ويحقق بالتالي الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وأكد الزبيري أن الاقتصاد اليمني يتمتّع بتنوّع كبير في تركيبته القطاعية، التي وصل عدد القطاعات فيه إلى نحو 17 قطاعاً فرعياً، منها الزراعة والبناء والتشييد وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والنقل والتخزين والاتصالات والعقارات وخدمات الأعمال، ما يساعد على رفع درجة التنويع الاقتصادي وتعدّد مصادر الدخل.