دائما ما يستغرب الناس من عدم رسوخ المعلومات في أذهان الطلبة وتبخرها بمجرد انتهاء العام الدراسي؟، بل إن أغلبنا اليوم لا يتذكر ثلاثة أرباع ما تعلمه في المدرسة، حيث لا يبقى في الذهن سوى بعض المواقف الطريفة مع بعض المعلمين وزملاء الدراسة، والسبب الأساسي يعود إلى طرق التدريس التي تقدم هذه المعلومات الأساسية للصغار دون تطبيقات عملية، حيث يتم التركيز على تحفيظ المعلومة أكثر من تطبيقها عمليا كي يفهمها الطالب الصغير، ولذلك نرى الطلبة بعد أن يفرغوا من حصة يتعلمون فيها أهمية النظام في الحياة يسرعون مباشرة للتزاحم العنيف أمام المقصف المدرسي. في دول العالم التي تحتل مراتب متقدمة في التعليم يعتمد المعلم على التطبيق العملي للمعلومة التي يقدمها لتلامذته الصغار كى تكون محسوسة وملموسة لا محبوسة في أوراق الكتاب، حيث يقوم التلميذ بزراعة الزهرة كي يعرف بنفسه مراحل نموها بدلا من حفظ الخطوات الموجودة في الكتاب والتي سرعان ما تتبخر بعد نهاية الاختبار، وكذلك الحال في الدروس التي تتعلق بالنظريات العلمية المختلفة، حيث يخرج الطلاب مع معلميهم للتعرف على وسائل النقل ـــ مثلا ــ ويتشاركون معهم في صناعة وتركيب الآلات المختلفة بدلا من الاعتماد على الصور الملونة الموجودة في الكتاب، وهكذا تصبح هذه المعلومات مجربة وجزءا من ذكريات التلميذ الصغير. أما نحن الذين اكتفينا بهذه الصور التوضيحية فيبدو أننا نحتاج حتى إلى من يغربل هذه الصور التوضيحية لأنها تحولت في بعض الأحيان إلى وسيلة لتشتيت ذهن الطالب وإبعاده عن المعلومة المراد إيصالها بعد أن كاد المراد منها تقريب المعلومة لأذهان الصغار، فقد نشرت صحيفة الوطن قبل عدة أيام أن معلما في مدرسة في الجبيل الصناعية اكتشف خطأ تربويا في كتاب الحديث للصف الثالث المتوسط تمثل في صورة تعبيرية لشرح حديث (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فقد كان الدرس بعنوان (المسؤولية في الإسلام) بينما الصورة التوضيحية كانت لراع يسوق الأغنام في المرعى، حيث تم تفسير مفهوم (الرعاية) في هذه الصورة بالرعي وبدلا من أن تشرح الصورة مسؤولية الأب عن أبنائه والحاكم عن شعبه والمدير عن مرؤوسيه والمعلم عن تلامذته اختصر الرسام المسألة بأكملها ووضع هذه الصورة التي أفرغت الدرس من محتواه، حيث ترسخ هذه الصورة نقص أهلية العامة وتصورهم وكأنهم قطيع من الأغنام في المرعى يحتاج دائما إلى اهتمام الراعي!. وعن هذه الصورة العجيبة يقول أستاذ المناهج، وعميد خدمة كلية المجتمع والتعليم المستمر في جامعة الملك خالد في أبها الدكتور مبارك حمدان للوطن يجب أن ينظر إلى هذا الخطأ بحسن الظن، إذ يوكل إخراج الكتب المدرسية إلى فنيين غير مختصين في التربية، يتولون إرفاق الصور، والخرائط والرسومات البيانية وما شابه، ولكن هذا لا يعفي الجهة المعنية بالمناهج الدراسية من مسؤوليتها حول هذا الخطأ التربوي الذي يستدعي ضرورة مشاركة الفريق التربوي وفق المعايير والضوابط الأكاديمية التربوية للمناهج، وطرق التدريس في كافة جزئيات ما يحتويه الكتاب المدرسي من مضامين وصور ورسومات، وهنا نتساءل: كيف توكل مثل هذه المسائل إلى فنيين مختصين؟، ألا يكفي أن الطلبة يتخيلون الأمر من خلال صورة عابرة وليس من خلال تجربة عملية كي نصدم لاحقا بأنه حتى الصورة نفذها شخص غير مختص؟!، وإذا كان من وضع المنهج لم يلتزم بمسؤوليته الأساسية تجاه التلاميذ الذين يتلقون الدرس فكيف نتوقع من هؤلاء التلاميذ أن يلتزموا بمسؤولياتهم في المستقبل ؟!. نقلا عن عكاظ