بعد وزارة للشباب تأتي أهمية إنشاء وزارة للعلوم والتقنية.. يدخل العالم اليوم مرحلة الرقمنة وتكنولوجياتها وتلك عصابة رأس التقدم الصناعي بكل حقوله. أقولها دون تردد أن شبابنا ماهرون في هذا الشأن بل ماهرون جداً وتلك المهارة لم تأتِ نتاج تعليم فقط ولا مشروع رسمي بل بإرادة وسعي من الشباب أنفسهم. طيب إذا اتفقنا على هذه الحقيقة نعود للسؤال الأصل من هي الجهة التي يُفترض مسؤوليتها عن رعاية هذا النشاط ودعمه؟ هل هي رعاية الشباب وهي التي تهتم بالرياضة فقط وخصوصا كُرة القدم أو مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا تلك القلعة المُحصنة التي لا يدخلها إلا ذوي الشأن من العُلماء والخبراء. أو الجامعات تلك الثانويات الكبيرة التي يتخرج منها الطالبات/ الطلبة وهم لا يفرّقون بين حفظ واسترجاع المعلومة وبين البحث عن مصادرها وتفكيكها وإعادة تركيبها بمفهوم جديد. أو الشركات الكبرى والبنوك مليارية الأرباح تلك الكيانات الهامورية التي لا يعنيها أمر المجتمع بقدر ما يعنيها تورّم أرباحها. لقد أحسنت وزارة التعليم العالي صنعاً حينما قلّصت التخصصات النظرية والشرعية وتم التركيز على التخصصات العلمية التي يتطلبها سوق العمل. كما أن عشرات الآلاف من الطالبات والطلبة الملتحقين في برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي والذين بدؤوا في العودة تباعا لا يحتاجون إلى الوظيفة فقط بل إلى دوام الرعاية وتنمية المهارات وتحديثها في العلوم التي تخصصوا فيها. من هنا كانت الحاجة لإنشاء وزارة للعلوم والتقنية ترسم الاستراتيجيات وتضع الخطط التي يمكن من خلالها إحداث نقلة نوعية في توطين التكنولوجيا في بلادنا ومنافسة دول العالم في هذا المجال فالزمن الحالي هو زمن التنافس التكنولوجي بكافة مجالاته. هل هذا مستحيل؟ لا أعتقد فلدينا من العقول والإمكانات والطاقات ما يجعلنا في صدارة دول العلوم والتقنية. فقط هي العزيمة وإشعال قابس الانطلاق.