دخل مريض للمستشفى لإجراء عملية جراحية، وأثناء إعطائه إبرة التخدير، اتضح من الجرعة الأولى بأنها لم تخدره وزادوا الجرعة، ولكن دون فائدة، ووقف طبيب التخدير مذهولا وليتضح له فيما بعد أن تعاطي المريض للقهوة بكميات كبيرة هو السبب الرئيس لعدم فاعلية المخدر. تذكرت هذه القصة وأنا أحتسي قهوتي في الصباح الباكر وأطالع خبر ارتفاع أسعار المشروبات الساخنة بنسبة وصلت إلى 25 % في الحد الأدنى، بينما تراوحت من 35 إلى 40 % في الحد الأعلى. الغريب أن حملة ارتفاع أسعار المشروبات الساخنة التي تشمل الشاي والقهوة والكابتشينو والحليب وغيرها، كانت منظمة وجماعية بين كافة المحال التي تقدمها وطالت «الأكشاك» على الطرقات في ظل غياب الرقابة الصارمة عليها والتبرير كالمعتاد ارتفاع الإيجارات والمنتجات ومواد التحضير وتلك يدفع ثمنها المستهلك. هذه الأسعار التي بدأت في الارتفاع منذ مطلع الأسبوع سبقها موجة ارتفاعات في شعبان الماضي، وتعددت الأسباب والهدف في النهاية زيادة الأسعار، والمزعج هنا أن هذه المحال لا تخضع للرقابة على أسعار البيع وجودة المنتج وترك الحبل على الغارب وكل من لديه مقدرة يستطيع فتح كشك أو مقهى في ظل الإقبال الكبير على متنفس الأسر والشباب. توقفت أمام «كشك» قهوة في الطريق المؤدي للصحيفة، وسألت البائع عن السعر، فرد بلهجته المكسرة «بن زيادة.. عمال ما فيه.. سعر زيادة.. راتب قليل.. شغل كثير»، أيقنت أن العامل هو الآخر متضجر من ارتفاع الأسعار التي حمل بها المستهلك ولم يكن له نصيب من الغلة التي سيجنونها نهاية اليوم أو الشهر. دفعني الفضول لسؤال أحد أصحاب المقاهي بحثا عن إجابات مقنعة للارتفاعات المتصاعدة التي حولت كوب الشاي الذي يباع بريال، ووصل إلى 5 ريالات فكان تعليقه: «كافتيريا وسط المدينة يباع الشاي بريال لكن على الكورنيش السعر مضاعف ويصل إلى 5 ريالات والوضع طبيعي، فلماذا تستغرب الآن وسط المدينة ترتفع الأسعار، كل شيء في تصاعد». ويبرر أيضا «منع تدخين المعسل في المقاهي وأصبحت المحال تواجه خسائر كبيرة وتعويضها لا بد من رفع الأسعار في المشروبات الساخنة». المصيبة، أن وزارة التجارة هي الأخرى تبرر: «سنقيم الموقف من خلال البلاغات»، وتعود لتناقض نفسها: «نرفض مبدأ رفع أسعار السلع المقيمة بسعر ثابت لفترة من الزمن ما لم يصاحب تلك الزيادة، قرار موافقة صريح من قبل وزارة التجارة والصناعة بعد اقتناعها بالأسباب المؤدية إلى رفع السعر»، وبين هذا وذاك، هل سيدفع المستهلك فاتورة جشع التجار في زيادة أسعار المشروبات والمأكولات، ومتى نلمس الدور الحقيقي لحماية المستهلك ويفعل دور الرقابة والتفتيش المنتظر؟!.