أثبتت التجارب أن الشركات العائلية تنهار وتنتهي في الجيل الثالث أو بعده بقليل.. والأسوأ من الانهيار أن كثيراً منها يتسبب في مشكلات وعداوات بين الأقارب لا حصر لها، من الاختلاف على الميراث إلى التشكيك في الذمم، إلى التخاصم حول الإدارة والمناصب، وكثير من تلك الخلافات تصل إلى المحاكم وتورث حزازات وعداوات راسخة وأحقاد قد لا تنتهي، ويصبح اللجوء إلى المحاكم وعدم قبول الصلح هدفاً عند بعض الوارثين يريد منه مجرد الانتقام ممن اعتقد أنهم ظلموه أو همشوه أو أخذوا جزءاً من حقه، وقد يكون اعتقاده مجرد وهم ولكنه لا يتزحزح عنه أبداً، وقد يخسر من الوقت وأتعاب المحامين ضعف ما يعتقد أنه ضاع عليه وهو يعرف ذلك ولكنه مجرد التنكيد والانتقام.. وبالتالي فإن لم يحسن مؤسسو الشركات العائلية التصرف في حياتهم فقد يجنون على أولادهم في المستقبل القريب، فلا شيء أسوأ من عداوة الأقرباء.. وبما أنه يوجد في مجتمعنا شركات عائلية كثيرة جداً وكبيرة جداً وبعضها أكبر بكثير من أكثر شركاتنا المساهمة المدرجة في السوق، فإن انهيار تلك الشركات العائلية وما تخلفه من أداء اجتماعية لا تقتصر ضرره على من ورثوها بل يمتد إلى الاقتصاد الوطني كله وإلى الحياة الاجتماعية السعيدة، والحل السليم هو تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة يطرح جزء منها للاكتتاب وتفصيل فيها المملكة عن الإدارة، وتخضع للحوكمة وإشراف الجهات المختصة، هذا ما يضمن - بإذن الله - استمرار تلك الشركات وتلافي العداوات والخلافات بين الورثة، فكل وارث له أسهمه المحددة، وفي ظل فصل الملكية عن الإدارة لا مجال للاتهام.