دعا ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز منظمة اليونيسكو إلى تفعيل قراراتها الدولية بشأن حماية المسجد الأقصى الشريف من التخريب والاعتداء الإسرائيلي الذي يطاله كل يوم، وحماية كل الآثار والكنوز الحضارية الغالية علينا جميعاً في أرض فلسطين. وقال ولي العهد في كلمته خلال زيارته في باريس أمس منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو": يسعدني اليوم أن أكون متحدثاً على منصة منظمة اليونيسكو، هذه المنظمة العريقة، التي تستهدف المساهمة في صون السلم والأمن بالعمل عن طريق التربية والتعليم والثقافة لتوثيق عرى التعاون بين الأمم، والإسهام في تربية النشء على القيم الإنسانية المشتركة، وعلى مفاهيم ثقافة الحوار، والسلام، والتنمية، وبما يحقق العيش المشترك. ولم تكن المملكة غائبة عن اليونيسكو منذ نشأتها، إذ وقّعت على ميثاقها التأسيسي، واستمرت العلاقة معها حتى اليوم، حيث يولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اهتماماً كبيراً بتعزيز ثقافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، حيث بادر بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وذلك من منطلق المبادئ والقيم الإسلامية المتمثلة في التسامح والاعتدال والحوار ونبذ العنف. ولقد بقيت المملكة متمسكة بمبادئها بوصفها مهبط الإسلام، تعلو وترتقي بشرف مكانتها فوق كل أشكال الصراعات، التي تشوه الدين وتمزق المجتمع. وأنتهز فرصة وجودي في مقر المنظمة لأشيد مجدداً بالخطوة المهمة التي اتخذتها اليونيسكو من بين المنظمات الدولية كافة، حين صوّت أعضاؤها لمنح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة، وهي خطوة تنسجم مع قيم اليونيسكو، التي ظلت تنادي بها منذ تأسيسها، في احترام الدول، والشعوب، وصون الحقوق، ورفض العدوان على الكرامة الإنسانية. وامتداداً لمبادرة اليونيسكو النبيلة في دعم الحقوق الفلسطينية، فإننا ندعوا المنظمة إلى تفعيل قراراتها الدولية بشأن حماية المسجد الأقصى الشريف من التخريب والاعتداء الإسرائيلي الذي يطاله كل يوم، وحماية كل الآثار والكنوز الحضارية الغالية علينا جميعاً في أرض فلسطين. ولا أنسى في هذا المقام أن أثمّن بكل تقدير لليونيسكو تخصيص احتفالية (اليوم العالمي للغة العربية) مما يعني الوعي بقيمة اللغة العربية وأهميتها الحضارية. ولا يفوتني أن أعبّر عن امتنان المملكة لما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية من النجاح في توثيق العلاقة بينها وبين اليونيسكو في كافة اختصاصات المنظمة، وأخص بذلك، تسجيل مواقع: مدائن صالح، والدرعية القديمة، ومؤخراً جدة التاريخية في لائحة التراث العالمي. وفي ختام الحفل الذي أقامته "اليونيسكو" بمناسبة الزيارة تسلم ولي العهد نسخة من وثيقة وقعها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لانضمام المملكة لليونيسكو. ثم توجه ولي العهد إلى صالة الاستقبال الرئيسية في المنظمة، حيث شارك في العرضة السعودية. وصافح سفراء الدول دائمة العضوية في اليونيسكو. عقب ذلك سجل الأمير سلمان كلمة في الكتاب الذهبي لليونيسكو جاء فيها: أسعدتني زيارة هذه المنظمة التي تعمل على الحوار بين الحضارات والشعوب في مسعى إنساني ثقافي خير. لقد دأبت المملكة منذ مشاركتها في تأسيس هذه المنظمة العريقة عام 1945 على الإسهام بفاعلية في مسيرتها الخيرة، واستمرت وستستمر بحول الله في جهودها الداعمة لليونيسكو لما فيه الخير. أتمنى التوفيق لجميع العاملين في اليونيسكو. إلى ذلك، التقى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في باريس أمس الطلبة السعوديين المبتعثين في فرنسا، وبدأ الحفل الخطابي بعد أن صافح ولي العهد الطلبة، بكلمة للملحق الثقافي السعودي في فرنسا الدكتور إبراهيم البلوي أكد خلالها الدعم والرعاية اللذين يحظى بهما الطلبة المبتعثون في فرنسا من خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد من خلال حصول الطلبة المبتعثين على التعليم بالجودة العالية وتذليل كافة الصعوبات التي تواجههم، مما يؤكد حرص المملكة على تطور الموارد البشرية، وتوثيق علاقات التعاون بين المؤسسات العلمية والثقافية والأكاديمية في المملكة وفرنسا. بعد ذلك ألقيت كلمة الطلبة عبروا خلالها عن الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما يجدونه من عناية كريمة ستكون أكبر حافز للمبتعثين والمبتعثات لمضاعفة جهودهم خلال مهمتهم الوطنية بطلب المعرفة وتوطينها في المملكة مستقبلا. ووجه الأمير سلمان كلمة للمبتعثين في فرنسا، قال فيها: أنا سعيد أن أكون بينكم وأن أرى ما يسرني من المبتعثين الذين يؤدون خدمة لوطنهم. أن سيدي خادم الحرمين الشريفين يهتم بكل أمور أبنائه في المملكة بمختلف المجالات خاصة في مجال التعليم، لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك بعثات للخارج لينهلوا مزيداً من العلم. أقول وأكرر بلادكم قبلة المسلمين ومنطلق الإسلام والعروبة والحمد لله نرى في أبناء بلادنا الخير والبركة. ونسأل الله - عز وجل - أن يجمعنا على طاعته وأن يجمع شملنا. وتم خلال الحفل الإعلان عن مكافأة مالية للمبتعثين والمبتعثات في الجمهورية الفرنسية. إلى ذلك، التقى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. رئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي عميد مسجد باريس الكبير الدكتور دليل أبو بكر وعددا من أعضاء المجلس، وذلك في مقر إقامته بباريس أمس. وقد عبر ولي العهد خلال الاستقبال عن سعادته بلقائهم، متمنياً لهم التوفيق في خدمة الدين الإسلامي والمسلمين في فرنسا، مؤكدا أن المملكة بصفتها مهبط الوحي وخادمة للحرمين الشريفين تقدم كل دعم ومساعدة للجمعيات الإسلامية في مختلف دول العالم، وهي تتشرف برعايتها واهتمامها بالحجاج والمعتمرين وتقدم لهم كل التسهيلات. من جانبه، أشاد الدكتور دليل أبو بكر بجهود المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين وعمارة الحرمين الشريفين ودعوتها إلى التضامن الإسلامي ووسطية منهجها، وذكر أن عدد المسلمين في فرنسا يتجاوز ستة ملايين نسمة ويزيد عدد المساجد والمراكز فيها على ألفي مسجد ومركز، وأن المجلس الفرنسي للدين الإسلامي أسهمت الحكومة الفرنسية في تأسيسه في شهر مايو 2003 ليمثل المسلمين في فرنسا أمام الحكومة الفرنسية، ويحقق أهدافا تعود بالنفع على المسلمين والمجتمع الفرنسي.