بقلم : د. سعيد السريحي محامي أسرة الطالبة المبتعثة ناهد المانع، والتي لقيت حتفها على يد مجرم في بريطانيا، لم يجد ما يدعم به القضية التي رفعتها أسرة الطالبة المبتعثة ضد وزارة التعليم العالي سوى الاستشهاد بقوله تعالى (لا إكراه في الدين) كي يقيم الحجة على الوزارة ويكسب القضية التي تحتج فيها أسرة الطالبة بأنها أكرهت على الالتحاق بالبعثة وقد كانت رافضة لذلك الابتعاث. واستشهاد المحامي بالآية الكريمة يمثل سوء استغلال لآيات القرآن الكريم بنزعها عن سياقاتها الدالة عليها لتعظيم ما يراه المحامي من خطأ وزارة التعليم العالي واستدراج القضاء وكذلك المجتمع للوقوف إلى جانبه في هذه القضية، ففضلا عن أن المسألة لا دخل لها بالدين كي يكون ثمة إكراه يمكن الاستشهاد عليه بما جاء في الآية الكريمة، فإن المسألة لا تعدو أن تكون شرطا من شروط استحقاق الوظيفة العلمية التي كان التعليم العالي يؤهل الطالبة المبتعثة كي تكون جديرة بها، وللجامعة التي تنتسب إليها الطالبة أن تضع من الشروط العلمية ما تراه جديرا بتلك الوظيفة وليس ثمة اختيار لمن يرغب في تلك الوظيفة إلا القبول بتلك الشروط أو البحث عن وظيفة أخرى، وتلك هي الفرصة التي منحتها الجامعة للطالبة حين خيرتها بين القبول بالابتعاث أو القبول بوظيفة إدارية وترك تلك الوظيفة لمن هي مستعدة للقبول بشروطها والمتمثلة في استكمال الدراسات العليا خارج المملكة. ولو أننا سايرنا المحامي في استشهاده بالآية لجاز لنا أن نتخذها حجة ضد أي مؤسسة تلزم موظفيها بالعمل وفق ساعات محددة وضد مدرسة تلزم طلابها بواجبات مدرسية معينة فلا إكراه في الدين ولا في أداء الواجب ولا في الحضور إلى العمل أخذا بما حاول المحامي الاستشهاد عليه بالآية الكريمة. رحم الله الطالبة ناهد المانع وربط الله على قلوب ذويها بالصبر وجنبهم أن يكونوا ممن يتم استغلال مصابهم في تشويه برنامج الابتعاث الذي نعرف تماما من يستهدفون النيل منه، وإذا كان ثمة ما يمكن أن نهمس به في أذن المحامي الفذ الذي رفض ديوان المظالم دعواه فهو أن يتجه لمتابعة القضية في الجهات الأمنية البريطانية حيث لايزال القاتل طليقا بدل أن يوهم أهل الفقيدة بالترافع عن قضية خاسرة مستشهدا بالقرآن الكريم في موقف لا مناسبة فيه للاستشهاد به. نقلا عن عكاظ