جاء العدد الأول من المجلة العلمية التي تصدر عن رئاسة الحرمين الشريفين بكارثة علمية في 61 صفحة لأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود حملت في عنوانها مسمى (دراسة عقدية) وهي في الواقع (دراسة معقدة) تقدم شكلا جديدا من أشكال عقدة الهوس بطمس كل أثر إسلامي مهما عظمت مكانته تحت شعار قطع الطريق أمام السلوكيات الشركية، وملخص الدراسة هو إعادة إعمار المسجد النبوي بما يضمن عزل الحجرات الشريفة (بيت الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام والتي تحتوي قبره) عن المسجد النبوي تصحيحا لما حدث في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك أثناء عمارة المسجد النبوي والتي ضمت فيها الحجرات إلى المسجد وهي العمارة التي تمت تحت إشراف الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز عندما كان أميرا للمدينة المنورة!، حيث يرى الباحث أن هذا الأمر اتخذ حجة عند المخالفين لبناء المساجد على القبور والأضرحة، أي أن صاحبنا يريد أن يغير ما تعارف عليه المسلمون عبر التاريخ فقط من أجل إبطال حجة المخالفين!. وقد رد الأساتذة عبدالله خياط ونجيب يماني وعاصم حمدان ومحمد الدبيسي وعمر المضواحي على هذه الدراسة العجيبة بالنصوص الشرعية وآراء علماء الإسلام عبر التاريخ، ولن أزيد على ما ذكره الزملاء فقد غطوا الموضوع من جميع جوانبه.. إلا أنني لم أكن أتخيل أن يبلغ الفكر المتشدد هذه الدرجة التي يزايد فيها أستاذ جامعي على عمر بن عبد العزيز وفهمه للأمور التي يمكن أن تمس العقيدة وهو الخليفة العادل الذي اعتبره المسلمون خامس الخلفاء الراشدين. وما هو أغرب من ذلك أن الدراسة احتوت على مطالبة الأستاذ الجامعي بتشكيل لجنة مختصة تشرف على تصحيح الأخطاء التي حدثت أثناء عمارة الوليد بن عبدالملك (التي أنكرها التابعون) على حد قوله، وهنا نستعرض رأي شيخ الإسلام ابن تيمية لنعرف حقيقة الإنكار الذي يتحدث عنه الباحث: (فكل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيدا، وقبره وثنا.. وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون، ولا يأتي هناك إلا مسلم، وكلهم معظمون للرسول صلى الله عليه وسلم، فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم، بل فعلوه لئلا يتخذ وثنا يعبد، ولا يتخذ بيته عيدا، ولئلا يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم)، ومن هنا يتضح أن هذه الدراسة تسير عكس المقصد وأن ما حدث خلال عمارة الوليد بن عبد الملك كان أساسا لتحاشي السلوكيات الشركية وهو قبل ذلك استجابة لدعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد). والمصيبة هنا لا تتوقف عند أفكار هذا الأستاذ الجامعي بل في هذه المجلة (العلمية المحكمة) التي دشنت مسيرتها بسقطة علمية حملها العدد الأول محدثة صدمة لم تنحصر آثارها في الداخل بل امتدت حتى إلى الصحافة العالمية!، ولاحول ولا قوة إلا بالله. نقلا عن عكاظ