تعامل الاميركيون ببرود مع شريط مثير للجدل عن اقتحام مقر سفارتهم في طرابلس اعاد الى الاذهان الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 ايلول (سبتمبر) 2012 والذي راح ضحيته السفير كريس ستيفنز وثلاثة من العاملين في القنصلية. منذ ذلك الوقت، وما زالت ملابسات اقتحام القنصلية غامضة ومثيرة للجدل، على رغم اختطاف مشاة البحرية الاميركية (المارينز) المتشدد احمد ابو ختالة من بنغازي ونقله الى واشنطن للتحقيق معه على خلفية اتهامه بتدبير الهجوم. السفيرة الاميركية لدى ليبيا الموجودة في مالطا سارعت الى نفي نبأ الهجوم على السفارة التي قالت انها تحت الحماية ولم تتعرض للنهب، فيما قال مسؤولون أميركيون ان المبنى الذي اقتحم، هو ملحق بالسفارة التي «لم يتعرض مجمعها الرئيسي الى اي هجوم» بعدما أخلته الولايات المتحدة من جميع ديبلوماسييها الشهر الماضي. كثيرون ممن استطلعت «الحياة» آراءهم حول شريط الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي لاقتحام شبان مسلحين لمبنى السفارة الاميركية في منطقة سيدي سليم في طريق مطار طرابلس، اعربوا عن اعتقادهم بأن الشريط سجل اثناء تحرير طرابلس من كتائب معمر القذافي في آب (اغسطس) 2011، وأشاروا الى ان الشريط تضمن تسجيلات لأصوات المقتحمين الذين برروا وجودهم في المبنى بقولهم انهم دخلوا اليه لحمايته من السطو وعبث منتهزي فرصة الانفلات الامني لئلا يستولوا على محتوياته. ورأى آخرون ان هذا يشكل «تخريجاً ذكياً للعملية» لامتصاص غضب الادارة الاميركية التي لم تستفق بعد من حادث مقتل السفير ستيفنز والديبلوماسيين الثلاثة. لكن المحلل السياسي مفتاح الورفلّي ابلغ «الحياة» ان الشريط حديث وأن الوقائع التي قدمها المتحدثون فيه تؤكد أنه تم التقاطه يوم بثه، أي اول من امس الأحد، الأمر الذي ما زال موضع شك لدى رجال الامن، كما ابلغ «الحياة» ناطق باسم الغرفة الامنية المشتركة في العاصمة الليبية طرابلس التي تبسط قوات «فجر ليبيا» سيطرتها عليها. وقال مصدر في وزارة الخارجية الليبية لـ «الحياة»: «ماذا تنتظر من أشخاص اقدموا على قصف المباني والمرافق العامة وخزانات النفط وهدموا البيوت بقذائف غراد وهاون»؟ وفي كل الاحوال، فإن سعيد الاسود وكيل وزارة الخارجية ابلغ «الحياة» ان «هذا العمل الذي لا يتناسب مع القوانين والأعراف الديبلوماسية، مرفوض رفضاً قاطعاً من الوزارة التي تدعو الى ضرورة ملاحقة القائمين به وتقديمهم للعدالة حتى يكونوا عبرة لمن يعتدون على الديبلوماسيين وعلى المباني التابعة للسفارات الاجنبية». وأهاب الأسود بـ «المواطنين الليبيين ان يكونوا في مستوى المسؤولية والتعاون في سبيل اعادة الثقة للبعثات الديبلوماسية التي علقت اعمالها في ليبيا حفاظاً على امن اعضائها والمرافق التابعة لها». وتناغم تصريح وكيل الخارجية الليبي مع شجب وإدانة مجلس النواب في طبرق (شرق) اقتحام مجمع السفارة الاميركية في طرابلس، كما تناغم مع اعلان الحكومة الموالية لهذا المجلس انها لم تعد تسيطر على المقار الرسمية في طرابلس. وفي بيان نشر على موقعها الالكتروني ليل الأحد، اعلنت الحكومة التي تتخذ من البيضاء (قرب طبرق) مقراً لها «أن غالبية الوزارات والمؤسسات والهيئات في العاصمة طرابلس هي خارج سيطرتها». وأشار البيان الى أن «تشكيلات مسلحة منعت الموظفين من دخول بعض المباني الحكومية»، علماً ان الوزارات والمؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي تقع كلها في طرابلس. ولم يؤثر العنف المستمر في إنتاج النفط، لكن متعاملين قالوا إن ملكية النفط قد تصبح عرضة لتحديات قانونية، إذا سيطرت «فجر ليبيا» على المصرف المركزي حيث تودع عائدات النفط الخام.