×
محافظة المدينة المنورة

بعد 20 عاما.. الصدفة تثبت نسب مصري لوالده السعودي رغم إنكار إخوته

صورة الخبر

لعل استشفاف البدايات يكون أهدى الطرق لحبس المشكلات والحجر عليها قبل أن تتفاقم ويصعب اجتثاثها، ولعله في الوقت ذاته يكون أشدها إيغالاً في الألم وأكثرها ممانعة للمواجهة مع النفس. وللعنف في الحالة الدينية موزاييك متناظر لكل فئة، بحيث يمكن للمتأمل في الرواقين الشيعي والسني أن يعثر على منبثقات واحدة للعنف ضد الآخر. ما أوجزه لنا الشيخ عادل الكلباني في تغريدة وُوجهت برفض عارم طارحاً سؤاله الذي استفز الطيف السلفي في الفضاء السني «هل داعش نبتة سلفية (سنية)؟» مما قسّم ردود الأفعال إلى مُعارض وموافق. ومما حثني بالتالي لطرح سؤال مشابه في الفضاء الشيعي: «هل الميليشيات نبتة سلفية شيعية؟». قبل أن أجيب على هذا السؤال حريّ بنا أن نقدم الأسباب السياسية كخيط خفيّ يحرك الدمى الطائفية في الجانبين من أجل تحقيق أهدافه وتنفيذ أجنداته. وهذا ما يمكننا استشفافه من جراء تنقيبنا في الموروث الشيعي السلفي الذي تم استغلال مواطن التنابذ والتكفير فيه للشحن وتحريك المنظومات والجماعات المسلحة على ضوئه. وبغرض تتبع أهم نقاط الالتقاء بين الموروث والعنف ضد الآخر لابد لنا أن نلقي الضوء على السلفية الشيعية وأهم مكوناتها البنيوية التي تعكز عليها واستلهم منها شرعيته. الأمر الذي نقل التطرف الشيعي من حالة الكمون بين طيات خطابٍ ملفعٍ بالاستضعاف والمظلومية إلى مرحلة تفريخ الأشبال المُنتظرة مدنسةً بدماء الأبرياء من الضفة الأخرى. ما يمكن ترجمته في الضحايا السبعين من مصليّ مسجد مصعب بن عمير في ديالى العراق برصاص مسلحين يُزعَم أنهم منتمون لعصائب أهل الحق الشيعية على سبيل المثال. الأمر الذي يجذبنا قسراً لتتبع الحاضن الرئيس لإرهاب الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا ومحاولة التشبث ببؤرِه العميقة والضاربة في أعماق الموروث السلفي الشيعي الذي يمكنني أن أذكر نقاط عدة، منها: 1- (تكفير المخالف وإباحة دمه) أو نفي الإيمان عن دافعي الولاية كما يصطلح عليه السلفيون الشيعية. حتى ولو قيل بحيل المعتزلة في نفي التفريق بين الإسلام في الدنيا للمخالفين ونفي الإيمان عنهم في الآخرة. ومنها حيلة التصنيف (نواصب) لحصر التكفير في فئة من السنة وليس الكل. فإن تلك المحاولات الهزيلة لا تعالج ما يغص به الموروث الشيعي السلفي من تكفير دافع الولاية أو جاحد أحد الأئمة الاثني عشرة. 2- التعالي اليقيني في العقائد وازدراء عقائد الآخرين. فالشيعي موالٍ للأئمة الأطهار وبذاك هو يستاف منهم طهارتهم وهو مخلوق من فاضل طينتهم كما جاء في الموروث السلفي الشيعي، مما يحتسب غير الشيعة لصالح الثلة الضالة (غير الطاهرة). ما يثبته الخطاب الصدري أو الفتاوى الدينية في الحث على قتل النواصب الذين تكفرهم وتنجسّهم. مما يسترعي تطهير الأرض منهم!. 3- «المظلومية» والاتكاء على «يالثارات الحسين» لتغذية الكراهية والتنابذ والقطيعة. فالخطاب التعبوي هَدف لشحن النفوس بالقهر وتوخي ساعة النصر وتحين فرصة النقمة واسترداد القيمة المهدرة. ولنا أن نتخيل سنوات من الطَرْق بمطرقة المظلومية أي أنصال ناقمة محتدمة بأغنيات الفوز الموعود ستنتج لو تم استثمارها وإشعال فتيلها! 4- سلطة الوسائط الكنسية للمراجع الدينية والخضوع للسلطة السياسية (ولاية الفقيه) مما سهّل التحكم بالأتباع وتنميطهم وغرس بذور التعصب والتصنيف. ما أنشأ العقل الفتوي المقتنع بقصوره عن استلهام مقاصد الدين دون فتوى (في كل شيء كبر أو صغر). ومما تميّز به السلفي الشيعي هو التصديق المطلق للفتوى دون الحاجة لتتبع الدليل النصي لها. هذا ما يكشفه لنا مواقع الاستفتاء التي تكتفي بذكر الحكم فقط دون إيراد الأصل القرآني أو النبوي منها. مما خرّج أرتالاً شيعية مُسيرة بفتاوى حماية المقدسات وقتال النواصب (كلواء أبو الفضل العباس) الموجّه للاحتراب الطائفي في سوريا والعراق. 5- الانعكاس الدموي للمهدي الغائب في مخيلة السلفية الشيعية التي حرثت الذاكرة الدينية المتعطشة للنصر بمشاهد درامية للمهدي شاهراً سيفه ومطهراً الأرض من المخالفين حتى تغرق الركب بالدماء! صورة أبعد ما تكون عن وعد الله بوراثة الأرض للذين استضعفوا فيها، بل امتياز مرجعي للعنف يستلهم منها المتطرفون مبررات لهمجية القتل واستباحة الدماء المحرمة. 6- احتكار الحق وصناعة الهوية المذهبية الدافعة والمتفوقة على ما دونها. ففي مقابل أحاديث الفرقة الناجية التي كفرت بقية المذاهب الإسلامية لدى السلفية السنية، دخلت السلفية الشيعية مضمار الاحتكار بروايات (سفينة النجاة) وتفاسير قرآنية (حزب الله هم الغالبون) لتعلق نياشين الحق على أكتاف الشيعة، طاردة الجميع من ناديها تحت أسماء ونعوت كثيرة (ضال، كافر، ناصبي.. وغيرها)، يصبح الآن التساؤل مشروعاً في أن السلفية الشيعية كانت خيار السياسة الأمثل في تنفيذ أهدافها وتمرير مبتغياتها من خلال عمليات الشحن العقائدي المدسوس والذي لا يمثل الكتلة الشيعية بجميع فئاتها؛ إنما يمكننا القول أنها نجحت بالتعكز على المظلومية ونصوص التكفير في تشكيل جبهات وميليشيات إرهابية ذات خلفية شيعية كما تم توضيحه. ولابد أن نؤكد أن تخليص الفضاء الشيعي من أي استغلال راديكالي لا يكون إلا بالشفافية البالغة في نقد الموروث الدخيل على الإسلام الشيعي وفضح أهدافه داخل أروقة البيت الشيعي ذاته وعلى يد أبنائه.