أيام للرجال وأخرى للنساء هل هو حياء في النساء أم ضعف في الشخصية الرجالية؟ وأملي أن أضيف ما يثري الحوار وهو أن ما تم وصفه ناتج عن تراكمات متداخلة من الأقوال والأفعال على مر الأيام تكلست وشكلت جلدا سميكا على جلودنا وهي التي تظهر للآخرين وكأنها الأصلية. ولن أغوص في أعماق التاريخ البعيد، لكنني فقط استشهد ببواكير أيام تعليم البنات التي اعتبرت نقلة في زمانها وأحدثت هزة في ثوابت الآباء والأجداد فلم تسل شعابها بمجاديف الإبحار الطبيعية. وإنما وضعنا لها مسامير وأوتادا تحد من انطلاقها وتبدل مساراتها بتجزئة العلوم إلى ذكورية وأنثوية. وهذا يضطرنا لممارسة عملية البسترة في مناهجنا من مخزون مفاهيمنا المحدودة، فأصبحت نظرية القص واللزق منهجا نسير على منواله في سنوات التأسيس حتى باتت من الثوابت المألوفة والمقررة وجوبا، وأدخلنا عليها الموروث الشعبي من عادات وتقاليد التي تجاوزها الآخرون بحجة أننا في طبيعة مختلفة مما ترك بصمة على سلوكياتنا وتربيتنا، وأصبح من المتعارف عليه انك تشتري عجلة هوائية لابنك ولا ترضاها لابنتك وأن يقوم ابنك برحلة مدرسية في حين أنك لا تسمح بها لابنتك؛ ولا يخفاك ما يمارسه صبي في العاشرة من عمره من أمر ونهي وزجر إذا لم تصل لدرجة الضرب لأخته ذات الـ 15ربيعا. كل هذه الترسبات خلقت للمرأة إحساسها بحتمية حمايتها وقبولها الحراسة؛ لأننا زرعنا بذور الشك فيمن حولها ولا ننسى ممارستنا اليومية؛ فإن تحدثنا عن المرأة فبخجل شديد وإن حادثناهن فبفوقية معلنة وهن دائما في الصفوف الخلفية مهما اعتلين من درجات علمية أو عملية، وما زلنا نتحاور نيابة عنهن في الدراسة والتربية والمناهج والوظيفة والتخصص والزواج. ولا أعرف أي شخصية لامرأة ما زالت في نظرنا هي الحلابة الولادة وليس لها الحق في ممارسة أي دور ريادي يخرجها عن صمتها الذي يشبه صمت القبور، وما نراه من صمتهن وصمتها ليس حياء ,ليس فيه من الدلالات الموجبة على الحياء وإنما هو الخوف من ردود الفعل وارتداداته من لغط الحديث فهي الجانية بخروجها والمذنبة بردودها هكذا نحكم عليها؛ ونعقد الندوات والمحاضرات لشرح الأسباب والمسببات في محاولة البحث عن المعوقات دون النظر إلى إنجازاتهن الخارجية بحضورهن الفاعل في المؤتمرات والندوات ومعارض الكتب، وبرزن بصمتهن في الأدب من شعر ونثر وفنون تشكيلية وظهور إبداعاتهن في المجالات العلمية وخاصة الطبية منها. وما يجب التمعن فيه ودراسته بحيادية هو تلك الازدواجية في التصرفات؛ فكل مشاهداتنا اليومية تدل على انفصام في الشخصية لا تمت للحـياء بصلة ولا ترتبــط بالضغـط في زاويـة من زواياها، وما هي إلا سلبيات الفهم الخاطئ لمجموعة تصرفات وسلوكيات ألفناها بالتقادم والتطبيق المتوارث.