×
محافظة المنطقة الشرقية

بشير يطنش الاتفاق ويتجه للحواري

صورة الخبر

في أحداث سوريا الكثير من العبر، وفيها الكثير من الدروس التي تجلت فوائدها، ودروس أخرى ما زالت تترى، ومع تواليها تتكشف المزيد من الفوائد والمكاسب التي لم يكن بالإمكان معرفتها لولا هذه الأحداث. وعلى الرغم من مأساوية هذه الأحداث إلا أن فيها الكثير مما يدفع إلى تجديد الإيمان وتعزيزه، والثقة بأن العاقبة الحسنة للمتقين المخلصين، وفي الصلة الصادقة بالله المؤمنة به، المتوكلة عليه، الملتزمة هديه وشرعه، السائرة على نهجه، المتبعة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. والمتتبع لمآلات الأمور وعواقبها التي اقترنت بالتوكل على الله والثقة به يدرك تمام الإدراك هذه الحقيقة ويعرفها. والشواهد الدالة على هذا أوضح من أن يشار إليها وينوه عنها أو تذكر بعض صورها. لقد تجلى في أحداث سوريا ما يؤكد هذا ويصدقه، فمن الشواهد التي أثارت المشاعر، فدمعت لها العيون، وخفقت لها القلوب، ولهجت لها الألسن دعاء وإعجاباً، حالة الشابة الصالحة المؤمنة الثابتة التي هدمت طائرات الغدر والخيانة طائرات النظام السوري المجرم منزل أسرتها في حي جوبر الدمشقي يوم 15 / 6 / 2013م، فغدا المنزل كومة ركام على من فيه. مشهد رهيب يتكرر يومياً في سوريا الجريحة كلها. يتكرر هذا المشهد النازي الفاشي على أيدي عصابات الأسد وحزب اللات ومجوس إيران، جرائم يرتكبها الصفويون المجوس، وتغذيها أحقادهم الدفينة، وساديتهم البشعة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً. وعندما هب المسعفون لرفع أنقاض البيت المهدم على أهله بأيديهم العارية الضعيفة إلا من الإيمان بصواب الموقف كانت أول كلمة قالتها هذه الشابة المؤمنة للمسعفين وهم يبحثون من بين الأنقاض كي يخرجوا من كان تحته: (عمو لا تصوروني ماني متحجبة) أي موقف هذا؟ وأي إيمان؟ وأي التزام؟ لا ريب أن الموقف موقف حياة أو موت، موقف مؤلم رهيب، لو عدت أولوياته لتبين أن كل المحذورات فيه تسقط أمام إنقاذ حياة من هم تحت الأنقاض، وعلى الرغم من شدة آلام هذا الموقف وقسوتها إلا أن هذه الشابة الصالحة آثرت أن تتحمل هذه الآلام ومخاطر الموقف على حياتها، وعدت كل هذا جانباً ثانوياً أمام رؤية الآخرين لها وهي كاشفة غير محجبة. هذا المشهد الرائع، والموقف الأصيل، ليس مستغرباً في حياة المسلم الحق، المسلم الملتزم بإسلامه عقيدة ومنهاج حياة؛ إذ يتجلى الالتزام في المواقف الأشد والأصعب التي تتطلب ثباتاً وصبراً، والمتصفح للسير التي ضرب فيها أصحابهأروع المواقف وأصدقها في الثبات على الإيمان رغم قسوة الشدائد، وألم المصائب؛ لأن المصيبة في الدين هي المصيبة الأعظم والأشد، وهي التي لا يمكن تحملها، أو تسويغ التساهل فيها. من أروع الأمثلة على تحمل مصائب الدنيا وتحمل تبعاتها مهما كانت، وفي المقابل الثبات على الثابت من الشرع، تلك الحالة المرضية التي ما زالت تتجدد عبرها كلما ورد ذكرها، فعن عطاء بن أبي رباح قال: (قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى: قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع لي... قال: “إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك” فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها) رواه البخاري ومسلم. لقد تحملت هذه المرأة الصابرة آلام الصرع، لكنها لم تتحمل ما يترتب عليه من تكشف، على الرغم من أنها معذورة شرعاً كون ما يحصل لها خارجاً عن إرادتها، فوجه الشبه بين هذه المرأة والشابة السورية واحد؛ لأن المعين الذي استقتا منه موقفهما واحد، وسيظل لهذا المعين التأثير نفسه لكل من يستقي منه. أما المعرض عنه المتجاهل له فلا عجب إن تعرى، وما صور التعري الفاضح المخجل التي تتبارى في إظهار مفاتن الجسد عنوة وبكل بجاحة في أقنية المعلومات إلا انعكاس للانتكاسة الدينية والقيمية والفكرية للمتعري. abalmoaili@gmail