×
محافظة المنطقة الشرقية

السفيران الأمريكي والروسي في الشرقية

صورة الخبر

على الرغم من أن المصوتين في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 18 أيلول (سبتمبر) المقبل بشأن بقاء أسكتلندا داخل المملكة المتحدة أو الانفصال عنها، سيقتصر على المواطنين الأسكتلنديين فقط، إلا أن هذا لم يمنع مراكز الأبحاث البريطانية من إجراء استطلاعات رأي للتعرف على موقف المكونات الأخرى في المملكة المتحدة خاصة رأي الإنجليز من انفصال أسكتلندا. ودعي 4.2 مليون ناخب مقيم في أسكتلندا للتصويت في 18 أيلول (سبتمبر) على انفصال هذه المنطقة الواقعة في شمال المملكة وتتمتع بحكم ذاتي، لتصبح بلدا مستقلا. وكانت آخر استطلاعات الرأي بهذا الشأن أشارت بشكل واضح إلى أن 59 في المائة من الإنجليز يفضلون بقاء أسكتلندا ضمن الاتحاد البريطاني بينما أيد 19 في المائة مطلب الانفصال، لكن المفاجأة الحقيقية لم تكن في هذا التأييد الإنجليزي لبقاء أدنبرة ضمن الاتحاد رغم ما هو شائع عن غياب الود في العلاقة القائمة بين الأسكتلنديين والإنجليز. إنما تمثلت المفاجأة في تصورات المواطنين الإنجليز حول شكل العلاقة المستقبلية بين أسكتلندا والمتبقي من المملكة المتحدة، التي بدت مختلفة تماما عن رؤية السياسيين. ففيما يتعلق باستخدام أسكتلندا للاسترليني في أعقاب الانفصال، فإن 23 في المائة من المواطنين البريطانيين أعلنوا ترحيبهم بذلك، بينما أعرب 53 في المائة عن قناعتهم بضرورة أن تمتلك أدنبرة عملتها الخاصة، وهو ما يعني رفضهم دعوة الوزير الأكبر في أسكتلندا بأن يبقى الاسترليني هو عملة البلاد إذ ما أيدت أغلبية الأسكتلنديين الانفصال. كما لم ترحب الأغلبية العظمى من المواطنين الإنجليز بفكرة أن تقوم لندن في حال انفصال أدنبرة بمساعدتها للانضمام إلى المؤسسات الأوروبية والدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو، ولم تزد نسبة المؤيدين لفكرة مساندة أسكتلندا في مساعيها تلك عن 26 في المائة، وتعتقد الأغلبية العظمى من الإنجليز أن الانفصال سيؤدي بطبيعة الحال إلى توتر العلاقة بين الطرفين. ومع هذا فإن الاستطلاعات كشفت عن موقف متشدد للجماهير الإنجليزية مقارنة بقادة الأحزاب البريطانية، عندما تعلق الأمر بكيفية التعامل مع الأسكتلنديين إذا ما قرروا البقاء في الاتحاد وعدم الانفصال، فبينما يروج القادة السياسيين بأنهم لن يوقعوا أي عقوبات على أسكتلندا إذا ما أخفقت جهود الانفصالين خلال الاستفتاء، فإن المواطنين الإنجليز يطالبون بإجراءات "عقابية" ضد أسكتلندا. وأوضح الدكتور ريتشارد دين المسؤول عن استطلاع الرأي لـ "الاقتصادية"، أن هناك غياب واضح للدعم الشعبي لتعهدات السياسيين البريطانيين للمواطنين الأسكتلنديين، بأنه لن تكون هناك إجراءات عقابية إذا صوتوا بـ "لا" للانفصال، ويطالب 56 في المائة بخفض الانفاق العام في أسكتلندا إلى ذات المستوى في باقي أنحاء المملكة، وهو ما يعني عمليا تراجعا في مستوى المعيشة. وأضاف أن المشكلة تكمن في أن الموقف الإنجليزي الشعبي المتشدد تجاه الانفصال، سيعزز دعوات الانفصاليين في أدنبرة، وسيروجون لفكرة أنه إذا ما قرر الأسكتلنديون البقاء ضمن المملكة المتحدة، فإنهم سيتعرضون لعقوبات اقتصادية، كما أن هذا الموقف الشعبي سيؤدي إلى تبني السياسيين الإنجليز مواقف أكثر تشددا خلال المفاوضات التي ستجرى في أعقاب الانفصال. كاميرون والوزير الأول الأسكتلندي أليكس سالموند. في المقابل يشهد الصراع بين رجال الأعمال المؤيدين البقاء داخل الاتحاد والرافضين له هجوما وهجوما مضاد من الطرفين، بعدما وقع 130 من كبار رجال الأعمال والمصرفيين خطابا أشاروا فيه إلى أن الاقتصاد الأسكتلندي سيتأثر سلبا بالانفصال، وأن الترابط الاقتصادي بين أسكتلندا وباقي أنحاء المملكة المتحدة من القوة والتلاحم بحيث سيكون الانفصال عملية جراحية مؤلمة للطرفين، إلا أن أسكتلندا ستتأثر سلبا بصورة أكبر. فيما شن رجال الأعمال والمصرفيين المؤيدين للاستقلال هجوما مضادا مؤكدين أن الاستقلال يعني مزيدا من النجاحات الاقتصادية لأسكتلندا، بل ومزيدا من فرص التوظيف في المستقبل. وكانت تصريحات السير جورج ماسون رئيس مجلس الإدارة السابق لرويال بنك أف أسكتلندا، بأن القطاع المالي الأسكتلندي سيزدهر إذا ما انفصلت أدنبرة عن المملكة المتحدة، مثل داعم اقتصادي قوي لتيار الانفصال. وأضاف السير جورج ماسون، أنه لا يوجد أي دليل يؤكد أن صغر حجم البلد يمثل عائقا لها أمام تطوير قطاعها المالي، فسويسرا على سبيل المثال لديها في جنيف وزيورخ اثنين من أكبر عشرة مراكز مالية في العالم، وسنغافورة التي لا يتجاوز عدد سكانها خمسة ملايين نسمة تعد رابع مركز مالي على مستوى العالم، مشيراً إلى أن الاستثمار عمل عالمي، ونجاحه يعتمد على البشر أكثر من اعتماده على الحدود. ويعتقد بعض الاقتصاديين أن أسكتلندا المستقلة لربما تكون مركزا ماليا أفضل من بريطانيا حاليا، ويشير الدكتور بروكس كامبل أستاذ الاقتصاد البريطاني سابقاً في جامعة جلاسكو، إلى أنه يتعين على أسكتلندا المستقلة أن تستخدم المزايا المالية التي تتمتع بها الآن لإعادة هندسة اقتصادها نحو مزيد من التصنيع وتطوير الخدمات القابلة للتجارة. من جهته، دعا ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني الأسكتلنديين إلى التصويت على البقاء في المملكة المتحدة، مشددا على أن الاتحاد يشكل نقطة قوة اقتصادية مهمة، بينما كشف استطلاع للرأي أن عدد المؤيدين لاستقلال المقاطعة في ارتفاع قبل ثلاثة أسابيع من استفتاء في هذا الشأن. وشدد زعيم المحافظين في خطاب خلال العشاء السنوي لأرباب العمل في أسكتلندا على أهمية بقاء اتحاد أقيم قبل 307 أعوام ويشمل إنجلترا وأسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية. وقال كاميرون "إن ما جمع أممنا في 1707م هو فرص اقتصادية وبعد 300 سنة ما زال مصيرنا وثروتنا مرتبط بشكل وثيق"، معددا فوائد الاتحاد الكبرى الأربع الملائمة للتجارة وهي الآفاق التي يؤمنها والاستقرار والتضامن والحجم. وأوضح رئيس الوزراء البريطاني أن الاتحاد يعد واحداً من أقدم وأنجح الأسواق الفريدة في العالم، مشيرا إلى أن أسكتلندا لديها مبادلات مع المملكة المتحدة أكبر بمرتين من مبادلاتها مع بقية أنحاء العالم، وأضاف كاميرون لنفضل الانفتاح على ضيق الأفق وميزاتنا على التشكيك ولنبقَ معا. وكان رئيس الوزراء استقبل قبل لقاء أرباب العمل بفتور في مدينة لا يلقى فيها هو شخصيا ولا حزبه شعبية، وقال صموئيل كوك الطالب المؤيد للاستقلال الذي كان يتظاهر أمام الفندق الذي أقيم فيه العشاء السنوي لأرباب العمل "إن ديفيد كاميرون غير مرحب به في أسكتلندا لأننا لا نصوت هنا للمحافظين". ويبذل المحافظون وحلفاؤهم الليبراليون الديموقراطيون في الحكومة جهودا شاقة لضمان رفض الاستقلال في الاستفتاء، ومعهم العماليون الذي يشكلون عماد المعارضة في لندن لكنهم يودون بقاء كامل الاتحاد. وتقليديا يتمتع حزب العمال بوجود أقوى من المحافظين في أسكتلندا، المنطقة التي تميل إلى اليسار ويتولى أحد أهم شخصياتها وزير المالية السابق أليستير دارلينج الحملة الداعية الى الوحدة معا أفضل، وهذا الأسكتلندي التكنوقراطي هو الذي واجه رئيس حكومة المقاطعة الانفصالي أليكس سالموند في المناظرات التلفزيونية. وفي الواقع تقع الرهانات الاقتصادية في صلب الجدل، فالانفصاليون يؤكدون أن دولة عاصمتها أدنبرة ستكون أقرب إلى الشركات المحلية وأفضل لمعالجة قضايا الميزانية، أما الوحدويون فيدينون الغموض الذي يلف مسألة العملة المقبلة وانضمام أسكتلندا إذا خرجت من الاتحاد البريطاني إلى الاتحاد الأوروبي. وذكر ماريك ريك رئيس هيئة أرباب العمل الأسكتلنديين "بالمجازفة الهائلة" التي يشكلها في نظره خروج أسكتلندا من المملكة المتحدة، أما الناخبون الأسكتلنديون فيتحمسون جدا للقضية وقد تكون نسبة التصويت مرتفعة جدا في الاستفتاء، فقد كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس أن الفارق بين مؤيدي الاستقلال ومعارضيه لم يعد يتجاوز النقاطالست ، مقابل نحو 12 من قبل. ويشير هذا الاستطلاع إلى أن 53 في المائة سيصوتون ضد الاستقلال مقابل 47 في المائة سيعبرون عن تأييدهم له، وحذر مسؤول عمالي كبير وهو الأسكتلندي دوغجلاس ألكسندر من أنه غداة التصويت سيكون إعادة تجميع أسكتلندا المقسمة واحدا من التحديات، ووصف أحد المستمعين على إذاعة البي بي سي ألكسندر "بالكذاب" واتهمه بإنكار حق أسكتلندا مستقلة في استخدام الجنيه الاسترليني. وأكد اليستير كارمايكل وهو سياسي ليبرالي ديموقراطي أسكتلندي آخر يعمل في لندن من أنه يمكن أن يغادر الحكومة البريطانية إذا اختارت المنطقة الانفصال. وبعيدا عن السياسة، تثير هذه القضية جدلا حادا في أوساط الأعمال الأسكتلندية، فقد نشر 200 من أرباب العمل ورؤساء الشركات الصغيرة والكبيرة أيضا عريضة في صحيفة "هيرالد" تؤيد الاستقلال، جاءت بعد وثيقة مماثلة نشرها 130 من أرباب العمل الآخرين المعارضين لهذه الخطوة. وقال هؤلاء المعارضون "إن الاستقلال سيكون مضرا للأعمال وللعلاقات الاقتصادية القوية جدا داخل المملكة المتحدة التي تؤمن نحو مليون وظيفة في أسكتلندا".