البحث عن صحافي جيد لصحيفة جيدة أصبح مشكلة، زملاء يتولون إدارة صحف يشتكون من تراجع المستوى والكفاءة، ويزيد الأمر سوءاً أن أجهزة حكومية أصبحت تنافس الصحافة على الصحافيين والإعلاميين بوجه عام، ليس سراً أن أعداد الصحافيين الذين يعملون لمصلحة جهات حكومية بصورة مباشرة أو غير مباشرة هو عدد متزايد، ويمكن للصحيفة أن تدرّب وتهيّئ وتصبر إلى حين نضج تجربة أحد منسوبيها، لكن سيأتي من يدفع أكثر ليحتضنه في فريقه، ولو كان ذلك من صحيفة منافسة لكان الأمر طبيعياً، لكن أن تكون المنافسة من جهة حكومية! فهذه مشكلة مركبة. مع الزمن يتحول هؤلاء إلى علاقات عامة للجهة الحكومية إشادة بأعمالها وتغافلاً عن أخطائها، والعمل الصحافي المستقل هو المتضرر، ولعل القارئ يلاحظ تراجع النقد الصحافي لأعمال الأجهزة الحكومية، مقارنة بما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي، في مقابل ارتفاع منسوب «الدعاية» لعمل بعض الأجهزة الحكومية، والمفقود هنا هو دور الرقيب المستقل الذي يفترض بالصحافة القيام به. ولا يلام صحافي يجد فرصة مغرية، مع تضخم نعاني منه غير معترف به ولا يواجهه أحد، من ارتفاع أسعار وتزايد رسوم إلى آخر ما هو معروف. لا الصحافة الورقية ولا الرقمية تستطيع منافسة أجهزة حكومية تجد لها منافذ للتوظيف غير المباشر، بل إن بعضها لن يمانع من وصول مادة مزينة ومجملة لسد فراغ الصفحات، والمتضرر هنا هو عملية التنمية، والوطن قبل القارئ.