قال مسؤولون تنفيذيون في قطاع النفط إن معدل الاكتشافات النفطية لا يزال مخيبا للآمال بعدما سجل مستوى قياسيا منخفضا في العام الماضي وإن الشركات قد تضطر برغم ذلك لخفض ميزانيات التنقيب لتقليص النفقات وهو ما يهدد الإمدادات والأسعار على المدى الطويل. ووفقاً لـ "رويترز"، فقد ذكر مسؤولون تنفيذيون في مؤتمر نفطي كبير في النرويج أن الشركات لا تعثر سوى على كميات ضئيلة للغاية وأن كثيرا منها ينسحب من المناطق عالية المخاطر إلى رهانات أكثر أمنا مثل النفط الصخري في أمريكا الشمالية، وسيدفعهم هذا على الأرجح لشراء اكتشافات باهظة التكلفة بمجرد أن تحول معنويات المستثمرين من التركيز على التدفقات النقدية إلى الاحتياطيات. وقال هلجه لوند الرئيس التنفيذي لشتات أويل، إننا إذا نظرنا إلى العام الماضي فسنجد أن الموارد الجديدة المكتشفة فيه سجلت مستوى قياسيا منخفضا، ومنذ بداية العام وحتى الآن بلغت نحو 4.4 مليار برميل من المكافئ النفطي وهو أدنى مستوى منذ عقود. وأشارت مؤسسة وود ماكنزي الاستشارية إلى أن حجم الاستهلاك في العام الماضي بلغ نحو نصف الاكتشافات الجديدة من الخام، ولم تسفر حملات تنقيب كبيرة في مناطق جديدة مثل غرب إفريقيا وبحر بارنتس في القطب الشمالي عن اكتشافات تذكر. وفي الأسبوع الماضي، فقد ذكرت "ميرسك أويل" التابعة لمجموعة مولر- ميرسك الدنماركية للشحن إنها ستوقف فعليا التنقيب في البرازيل وخليج المكسيك الأمريكي بسبب آبار ضعيفة وجافة برغم أن احتياطياتها تعادل إنتاج 4.6 عام فقط مقارنة بمتوسط يتراوح بين 5 و10 سنوات لنظيراتها. ومن المتوقع أن يستهلك العالم نحو 34 مليار برميل من النفط هذا العام وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن هناك ضرورة لاستثمار نحو تريليون دولار سنويا لمجرد الحفاظ على استقرار الإنتاج. وقال محللون إن من المتوقع أن يتجاوز الإنفاق الرأسمالي العالمي على النفط والغاز 700 مليار دولار في العام الحالي وهو مستوى قياسي لكن أغلب النمو يأتي من شركات نفط حكومية في حين تقول شركات كبرى مثل "شل"، و"شيفرون"، و"بي.بي"، و"شتات أويل"، إنها تخفض الإنفاق أو تبقيه دون تغير. ويتوقع بنك باركليز أن ترفع الشركات الحكومية الإنفاق 10 في المائة هذا العام في حين سيبقي إنفاق الشركات الكبرى مستقرا، وقال أشلى هيبنستال الرئيس التنفيذي لشركة لوندين بتروليوم إحدى أكثر الشركات نجاحا في إضافة احتياطيات جديدة، إن كثيرا من الشركات يواجه ضغوطا كبيرة من المستثمرين لتحقيق عوائد في الأجل القصير، وعندما تستثمر في التنقيب ينبغي أن تفكر وتستثمر للأجل الطويل. وعندما اكتشفت كونوكو فيليبس حقل إيكوفيسك العملاق قبالة سواحل النرويج في الستينيات احتاجت الشركة إلى عامين فقط لبدء الإنتاج من الحقل، وبعد نصف قرن من الزمان ستحتاج شتات أويل إلى عشر سنوات لبدء الإنتاج من حقل يوهان سفيردروب وهو اكتشاف كبير مماثل. ويعتقد هيبنستال أن الشركات الكبرى ستدرك أنها لا تملك موارد كافية، لذا فإن المستثمرين سيغيرون تركيزهم فجأة وستضطر الشركات الكبرى لشراء الموارد. وشراء النفط في مناطق غير مطورة مثل بحر الشمال يتكلف نحو 8-10 دولارات للبرميل، أما تكلفة الاكتشاف فتبلغ 1-3 دولارات للبرميل ومن ثم تواجه الشركات الكبرى تكاليف استحواذ كبيرة في المستقبل أو ستنخفض مواردها. ويري جون أولايسن المحلل لدى "إيه.بي.جي سندال كولير" أن هذه الحلقة مشابهة للأزمة الآسيوية في 1998 عندما ظلت أنشطة التنقيب مستقرة طوال ست سنوات، وستؤثر في سعر النفط وأعتقد أنها تؤثر بالفعل لأنك لو نظرت إلى أسعار العقود الآجلة للنفط حاليا فستجد أنها تتحرك صعوديا في الوقت الذي يتراجع فيه السعر الفوري. وفي الوقت الذي تراجعت فيه عقود شهر أقرب استحقاق أكثر من 7 في المائة هذا العام فقد ارتفع سعر العقود للتسليم في نحو 2020 بنسبة 12 في المائة. وتعتبر الزيادة في إنتاج النفط الصخري من بين العوامل المتسببة في تراجع التنقيب نظرا لأن الفترة بين عمليات الحفر والإنتاج تعادل عشر الفترة اللازمة لتطوير حقل بحري. وقال أندرو لاثام نائب الرئيس لخدمات التنقيب في وود ماكنزي، إن عددا كبيرا من الشركات ولا سيما الكثير من الشركات المستقلة الكبرى في أمريكا الشمالية انسحبت من سوق التنقيب الدولية وتتجه إلى فرص محلية أكثر أمنا. وتقول شركات الطاقة إن زيادة الكميات المستخلصة من الحقول القائمة ستعزز الاحتياطيات وهو ما سيعوض انخفاض معدل الاكتشافات، ويبلغ معدل الاستخلاص العالمي نحو 30-35 في المائة من الاحتياطيات الإجمالية لأي حقل في حين أن الشركات في المناطق مكتملة التطوير في بحر الشمال تستخلص أكثر من 50 في المائة من الاحتياطيات، لكن الواقع قد يكون مختلفا. وأشار جريث موين الرئيس التنفيذي لشركة بيتورو التي تشرف على استثمارات النفط والغاز الحكومية في النرويج إلى أن زيادة استخلاص النفط أمر هامشي بطبيعته، وإذا كان ترتيب الأولويات بالنسبة لرأس المال يخضع لقيود مشددة، وخفضت ميزانية الاستثمارات فسيكون أسهل شيء هو تقليص تلك المشروعات. وتمثل التكاليف مشكلة كبرى حيث قفزت تكلفة الحفر لثلاثة أمثالها في عشر سنوات بسبب بطء العمل وارتفاع أسعار الحفارات وتزايد البيروقراطية وهو ما يحبط عمليات التنقيب.