لو عدنا نصف قرن إلى الوراء سنعرف حقيقة كثير من الزيف الذي يروج له دعاة الاسلام السياسي اليوم، خصوصاً عندما يستشهد البعض بإستضافة السعودية لرموز الإخوان في فترة الستينيات من القرن الماضي عندما منحتهم اللجوء السياسي، في وقت كانت أيدلوجيا عبدالناصر قائمة على التوسع وإحياء القومية، وسعى عبدالناصر وقتها لإلغاء الملكيات، واطلاق شعارات شعبوية، أعطته الزعامة التي أرادها، وباع على العرب الأحلام والأوهام، وحاول التعامل مع الدين بشكل مستفز لدولة مثل السعودية. ...جاء هنا دور الملك فيصل، الذي يبسطه الناس اليوم بالحاجة لإيجاد مشروع يضاهي القومية العربية باسم الإسلام. الحقيقة، أن السعودية في تلك فترة أعادت إحياء مفهموم الوحدة الاسلامية الذي انهار تدريجياً، وتلاشى مع سقوط الدولة العثمانية، ولكن بطريقة تتناسب مع متغيرات العصر وتحترم سيادة الدولة الوطنية. كانت خطابات الملك فيصل ترتكز على هموم الأمة، لكنه لم يغفل عن التشديد على أن سياسة بلاده تعتمد على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ودعوة الآخرين ألا يتدخلوا في شؤون المملكة. لم يدع الملك فيصل يوما إلى اسقاط أي دولة، أو يحرض على النظم الحاكمة، واحترم إرادة شعوب المنطقة. في مجاراة اهتمامه بالسيادة، أقام توازنا ملفتا عبر التعاون مع الجميع في سبيل قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. اختار الملك فيصل، والسعودية من قبله، المنظمات الإقليمية والدولية مثل كل العالم، ولم يترجم قوة بلاده إلى طموح يهيمن فيه بالشعارات أو قوة السلاح. فكرة القومية للسعودية، تتوقف عندما تمس هيبة الدول. فكرة الأمة تتوقف عندما تلغى الحدود. تنسيق المواقف السياسية يتم عبر المنظمات، والاتفاقيات، والمعاهدات، والمفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف. لذلك، لم تدعم السعودية ميليشيات متطرفة كما إيران بعد الثورة التي ركبها الخميني، ولم تختار حزبا دينيا يريد إلغاء الدول كما قطر. لم تعارض السعودية يوما فكرة تجمع دول المنطقة. انضمت قبل الجميع لجامعة الدول العربية كدولة مؤسسة، وأسست منظمة المؤتمر الإسلامي، ودعا ملكها فيصل إلى قمة للتضامن الإسلامي، لكن هذا الدعم اقتصر في أطر سيادة الدولة الوطنية التي أصبحت عرفا دوليا في القرن العشرين. في مواجهة القومية، التي انطلقت لنهب ثروات الخليج، لم يعلن فيصل بن عبد العزيز خلافة إسلامية، كان العالم الإسلامي يتهافت للانضمام إليها، وهنا تظهر حكمة السعودية، وما يدحض دعم السعودية لأي ايدلوجيا تتخذ من الدين ستاراً للهيمنة والسيطرة. حال اليوم شبيه بحال الأمس. شعارات ملالي إيران وأتباعهم من جهة، ودعاة الإرهاب من جهة أخرى، تدغدغ مشاعر الشعوب. وكما في الستينيات، تتبنى السعودية حكمة لا تغري كثيراً من المتحمسين. الالتزام بالوطنية والعروبة والإسلام، كل الثلاث أفكار التي يصورها أصحاب الصوت العالي بالمتناقضة، جمعتها سياسة الرياض في خلطة سحرية، تجعلها وقت الأزمات اللاعب الرئيس والموثوق به في المنطقة. يردد الكثير، نسمع بالمشروع الإيراني السوري للمنطقة عبر دعم ما يسمى بالمقاومة، ومشروع قطر عبر دعم جماعة الإخوان، فأين المشروع السعودي؟ الجواب يكمن في الوحدة الوطنية التي أسسها المؤسس عبدالعزيز. وحدة تحفظ سيادة السعودية، وترعى شؤون العرب وتحترم دولهم الوطنية، وتتبنى قضايا المسلمين عبر تأسيس منظمة تجمعهم، والأهم أنها لا تزايد على أحد بهذه الشعارات، ولا تقبل أن يزايد أحد عليها. السعودية تلتزم بمنهج لا مثيل له يمزج الدين بالمدنية دون ايدلوجيا سياسية، هنا وقف فيصل بن عبدالعزيز ليقول بأن القومية لا قيمة لها أمام الهوية الاسلامية، وأنه إذا كان هناك رابط يجمع الدول فهو رابط الدين، وليس بالصورة التي يطرحها دعاة الاسلام السياسي، نعم وقفت السعودية مع اشخاص تعرضوا للأذى في فترة الستينيات، ومن خلال دورها الديني والسياسي حمتهم بدافع إنساني، في وقت لم يظهروا فيه أنيابهم بالشكل الذي رأيناه لاحقاً، ولم تتبن طرحهم او توافقه وكانو يمارسون التقية السياسية ببراعة، فيصل كان على نهج والده المؤسس وكذلك جميع ملوك السياسية لاحقاً، يريدون اسلاماً نقياً بعيداً عن التحزب والمزايدات. ...جاء هنا دور الملك فيصل، الذي يبسطه الناس اليوم بالحاجة لإيجاد مشروع يضاهي القومية العربية باسم الإسلام. الحقيقة، أن السعودية في تلك فترة أعادت إحياء مفهموم الوحدة الاسلامية الذي انهار تدريجياً، وتلاشى مع سقوط الدولة العثمانية، ولكن بطريقة تتناسب مع متغيرات العصر وتحترم سيادة الدولة الوطنية. كانت خطابات الملك فيصل ترتكز على هموم الأمة، لكنه لم يغفل عن التشديد على أن سياسة بلاده تعتمد على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ودعوة الآخرين ألا يتدخلوا في شؤون المملكة. لم يدع الملك فيصل يوما إلى اسقاط أي دولة، أو يحرض على النظم الحاكمة، واحترم إرادة شعوب المنطقة. في مجاراة اهتمامه بالسيادة، أقام توازنا ملفتا عبر التعاون مع الجميع في سبيل قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. اختار الملك فيصل، والسعودية من قبله، المنظمات الإقليمية والدولية مثل كل العالم، ولم يترجم قوة بلاده إلى طموح يهيمن فيه بالشعارات أو قوة السلاح. فكرة القومية للسعودية، تتوقف عندما تمس هيبة الدول. فكرة الأمة تتوقف عندما تلغى الحدود. تنسيق المواقف السياسية يتم عبر المنظمات، والاتفاقيات، والمعاهدات، والمفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف. لذلك، لم تدعم السعودية ميليشيات متطرفة كما إيران بعد الثورة التي ركبها الخميني، ولم تختار حزبا دينيا يريد إلغاء الدول كما قطر. لم تعارض السعودية يوما فكرة تجمع دول المنطقة. انضمت قبل الجميع لجامعة الدول العربية كدولة مؤسسة، وأسست منظمة المؤتمر الإسلامي، ودعا ملكها فيصل إلى قمة للتضامن الإسلامي، لكن هذا الدعم اقتصر في أطر سيادة الدولة الوطنية التي أصبحت عرفا دوليا في القرن العشرين. في مواجهة القومية، التي انطلقت لنهب ثروات الخليج، لم يعلن فيصل بن عبد العزيز خلافة إسلامية، كان العالم الإسلامي يتهافت للانضمام إليها، وهنا تظهر حكمة السعودية، وما يدحض دعم السعودية لأي ايدلوجيا تتخذ من الدين ستاراً للهيمنة والسيطرة. حال اليوم شبيه بحال الأمس. شعارات ملالي إيران وأتباعهم من جهة، ودعاة الإرهاب من جهة أخرى، تدغدغ مشاعر الشعوب. وكما في الستينيات، تتبنى السعودية حكمة لا تغري كثيراً من المتحمسين. الالتزام بالوطنية والعروبة والإسلام، كل الثلاث أفكار التي يصورها أصحاب الصوت العالي بالمتناقضة، جمعتها سياسة الرياض في خلطة سحرية، تجعلها وقت الأزمات اللاعب الرئيس والموثوق به في المنطقة. يردد الكثير، نسمع بالمشروع الإيراني السوري للمنطقة عبر دعم ما يسمى بالمقاومة، ومشروع قطر عبر دعم جماعة الإخوان، فأين المشروع السعودي؟ الجواب يكمن في الوحدة الوطنية التي أسسها المؤسس عبدالعزيز. وحدة تحفظ سيادة السعودية، وترعى شؤون العرب وتحترم دولهم الوطنية، وتتبنى قضايا المسلمين عبر تأسيس منظمة تجمعهم، والأهم أنها لا تزايد على أحد بهذه الشعارات، ولا تقبل أن يزايد أحد عليها. السعودية تلتزم بمنهج لا مثيل له يمزج الدين بالمدنية دون ايدلوجيا سياسية، هنا وقف فيصل بن عبدالعزيز ليقول بأن القومية لا قيمة لها أمام الهوية الاسلامية، وأنه إذا كان هناك رابط يجمع الدول فهو رابط الدين، وليس بالصورة التي يطرحها دعاة الاسلام السياسي، نعم وقفت السعودية مع اشخاص تعرضوا للأذى في فترة الستينيات، ومن خلال دورها الديني والسياسي حمتهم بدافع إنساني، في وقت لم يظهروا فيه أنيابهم بالشكل الذي رأيناه لاحقاً، ولم تتبن طرحهم او توافقه وكانو يمارسون التقية السياسية ببراعة، فيصل كان على نهج والده المؤسس وكذلك جميع ملوك السياسية لاحقاً، يريدون اسلاماً نقياً بعيداً عن التحزب والمزايدات.