الثلاثاء الماضي وتحديداً في 30 شوال كنا قد تناولنا الجزء الأول من (الحب فوق الإرهاب) ونكمل اليوم الجزء الأخير مما تبقى من صوت الوطن والمواطن. الحب والإرهاب نقيضان متنافران لا يمكن أن يلتقيان مهما طال بهما المسير فلكل صورته وخصائصه وهويته وطرائقه وأناسه، فمع الحب يصبح كل شخص شاعراً ومع الإرهاب يصبح الطفل قاتلاً، الحب ينمو معه كل شيء والإرهاب يموت معه كل شيء، الحب قادر على إنقاذ العالم والإرهاب يدمر أجمل ما في العالم، الحب هو أن تنسى من أنت والإرهاب هو أن تنسى من هم الآخرون. في عام 1425 تشرفت بمقابلة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله –كان ولياً للعهد آنذاك– وقد كنت ضمن وفد رسمي نسائي من مختلف مناطق المملكة، التقينا مع جلالته لمناقشة بعض قضايا المجتمع وعلى رأسها مطالب وأوضاع التعليم، قال يحفظه الله: «أحملكم مسئولية ما ترونه في الميدان من ملاحظات ومطالب، كونوا صادقين في التقارير التي ترفعونها لوزاراتكم حتى تستطيع كل وزارة معالجة الأخطاء وتلبية احتياجات المواطنين» انتهى. ولعل لنا عودةً بهمس مسموع إلى كل مسئول في بلادنا الحبيبة: (اسمحوا للحب أن ينمو في شرايين الوطن بتحسين مهام العمل في دوائركم، وبتقديم الخدمة الأفضل للمراجعين، فإنكم إذا لم تسمحوا للحب بأن ينمو فسوف يموت بأدواتكم أنتم وليس بأدوات غيركم!! ولأن الوطنية ليست المحافظة على أرض الآباء فقط بل هي حماية لأرض الأبناء والأحفاد، لذا أطلعوا أبناءنا على أجمل وأقوى الخطط المستقبلية حتى يشتركوا معكم في إعمار الوطن، مع شرح مبسط يفهمه الجميع بآلية التنفيذ والمدة الزمنية التي سيرى فيها المشاريع التطويرية وهي تنتقل من على مكتب معالي الوزير حتى تصبح صرحاً أمام أعينهم ومرفقاً يساعدهم على العيش بحياة كريمة مستقبلاً). ذات يوم وتحديداً في يوم الخميس 5/5/2005 وقفت صبية في عمر الزهور بمهرجان جائزة الأمير/ محمد بن فهد للتفوق العلمي بالمنطقة الشرقية وقالت: (أحبك يا وطني، وجعلت أنا وذريتي التي لم أرها بعد فداءك)!! مشاعر صادقة نبعت من خافق الطالبة/ فاطمة بنت علي سليمان الغنام من مدرسة الواحة الأهلية بحفر الباطن، أي شعور وطني هذا الذي حدا بالطالبة أن تقدم أبناءها فداءً لوطنها الغالي، وماذا يعني أن تقول الأخت/ فوزية المؤيد (الموظفة في إدارة التربية والتعليم بالمنطقة بالشرقية) في حفل حملة التضامن الوطني ضد الإرهاب: «لو كنت في الدار الآخرة وبعد أن أنعم برؤية الله –عز وجل– وأدخل جنته فلو سئلت: ما الذي تتمنينه بعد؟ سأقول: أتمنى أن أطل على الكرة الأرضية لأرى وطني»!! أمنية حقيقية في داخل نفس مواطنة أحبت وطنها بصدق فتخيلت وتمنت بعيداً عن المسلمات الغيبية للكون في الدار الآخرة (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه). بالأمس طالعتنا مواقع التواصل الاجتماعي بصورة طريفة جداً لطفل تقول له أمه: «عندما نذهب إلى الجنة فإننا لن نعود إلى الأرض أبداً»، فقام يبكي بحرقة وهو يتساءل بعفوية: «كيف لا نعود إلى بيتنا ولا نعود لبلادنا!! إذاً سنأخذ معنا علم بلادي إلى الجنة»!! هي مشاعر حب ووفاء تأتي عفويةً ليعبر فيها كل منا عن انتمائه لوطنه بطريقته الخاصة. في الختام: أيها المواطن لا تسأل ماذا قدم لك وطنك؟ فقد قدم لك الكثير الكثير، ولكن اسأل نفسك ماذا قدمت أنت للوطن!! ويا وطني الحبيب: هؤلاء هم أبناؤك ما زالوا ينتظرون منك المزيد المزيد فهم يستحقون أن يكونوا في مقدمة الشعوب رقياً وعلماً وثقافةً وتمدناً ورخاءً، اسألهم وهم عائدون من أي رحلة سفر: ما أفضل ما في رحلتكم سيقولون لك: (العودة إلى الوطن).