حجاب .. المرأة عادة أو عبادة بقلم : أ. عبد الرحمن القراش إن قضية الحجاب شكلت على مدى عقود كثيرة محورا رئيسا للنقاش والجدل بين العلماء وفئات المجتمع ناهيك عن التدخل في هذه القضية من قبل العديد من المنظمات الدولية و الجمعيات و المؤسسات النسائية الغربية في أرجاء العالم من خلال الترويج لمفاهيم خاطئة أساسا و مدمرة لقيم و أخلاق وحياة المرأة المسلمة . ولكن الحمد لله أن هناك إجماع من علماء الدين الإسلامي على وجوب الحجاب على المرأة وإن كانوا يختلفون في هيئته فمنهم من يرى أن على المرأة ستر جميع جسدها بما فيه الوجه والكفين بينما يرى أغلبهم جواز كشف الوجه والكفين بحسب الفتاوى الدينية والأعراف الاجتماعية في كل بلد و نحن في المملكة العربية السعودية يرى علماء الدين أن الحجاب للمرأة أمر ديني تعبدي و ضرورة اجتماعية للصيانة الأخلاقية وعاش الناس على ذلك زمناً طويلاً ولكن مع دخول التقنية الحديثة وانتشار رقعة التعليم ونزول المرأة لميدان العمل سواء الخاص أو المشترك مع الرجل . أصبح هناك تباين في الآراء بين فئات المجتمع يمكن أن نقسمها لأربعة أقسام : القسم الأول : يمكننا أن نسميه البيئة المحافظة على حجاب باعتباره حاجة ملحّة اجتماعياً حيث لا يقبل المناقشة في هذا الأمر بأي حال وربما تصل في بعض الناس إلى التدقيق والشك في محارمه ليس تتبعاً دينيا وإنما هوس اجتماعياً مما يخلق أزمة أسرية في بعض الأحوال لو انكشف غطاء المرأة أو خرجت بدون إذن حتى لو كانت محجبة لأن البعض يرى وجوده مع المرأة حجاباً إضافياً وهذه الفئة تمثّل 70 % من المجتمع . القسم الثاني : يمكننا أن نسميه البيئة المنفتحة على الحجاب باعتباره حرية شخصية حيث يكون معدّل الثقة بالمرأة فوق الحدود فلا يرى أن الحامي لها من الوقوع في الخطأ يكون الحجاب وإنما يرى أن الحامي لها هو الرادع الخٌلقي أكثر من الديني فلا يمانع إن كشفت حجابها داخل البلد أو خارجه بسبب تأثر أصحاب هذا القسم بالتعليم الغربي أو السفر خارج البلد والبقاء مدد طويلة هناك قبل العودة مما جعلهم متأثرين بالثقافات الأخرى وهذه الفئة تمثل نسبة قليلة جداً . القسم الثالث : يمكننا أن نسميه البيئة الوسطية في أمر الحجاب باعتباره أمراً اجتماعياً وليس دينياً حيث يتماشى داخل البلد بما تقتضيه الحاجة الاجتماعية من خلال التمسك بالحجاب الشرعي ولكن لا يمانع بمجرد ركوب محارمه الطائرة للخروج من البلد أن يخلعن حجاباتهن دون خجل أو خوف باعتبار أن الحجاب أمرا خاصا فرضته القيود الاجتماعية داخل البلد . القسم الرابع : يمكننا أن نسميه البيئة الدينية والتي ترى أن الحجاب أمراً تعبديّا قبل أن يكون عرفا اجتماعياً حيث يرى أن مجرد ترك الحجاب داخل البلد أو خارجه مخالفة دينية وإثم كبير على صاحبته وللأمانة هذه الفئة اليوم تعتبر نادرة الخلاصة إن الأعراف والتقاليد التي نشأ عليها الناس لا يطلق عليها وصف الذم أو المدح بل يفصل فيها فإن كان لها أصل من الشرع نقبل بها ونعمل بها على جهة التدين لا التقليد وإن لم يكن لها أصل من الشرع فلا تقبل حتى ولو كانت عرفا اجتماعيا . وعلى ذلك فما يوجد في المجتمع من عادات وتقاليد فمنها المحمود الموافق للشرع ومنها المذموم المخالف للشرع فما نشأ ودرج عليه المجتمع من التغطية إنما هي عادة محمودة لها أصل شرعي فمن الناس من يعمل بها على أنها عادة وتقليد ومنهم من يعمل بها على أنها دين وشريعة وهذا ما صار إليه كثير من الناس اليوم. وليس معنى هذا أن كل من قال : التغطية عادة أو كشفت وجهها أن يكونوا دعاة لنزع الحجاب والسفور بل قد يقولوا ذلك ظنا منهم أن ذلك هو الحقيقة وقولهم ناتج عن قلة علمهم بأدلة وجوب الحجاب ولكن لو عادوا للبحث عن المسألة أو تم نصحهم وهدايتهم بالتي هي أحسن فإن الموضوع والصورة تختلف في أذهانهم لذلك أوجه نداء لكافة المصلحين والدعاة إلى تعليم الناس وهدايتهم بالحسن دون تعنيف أو تسفيه للعقول أو تحقير للآراء أو تكفير تأسّياً بهدي المصطفى عليه السلام .