لاحظت شيئا غريبا في علاقة بعض المؤسسات الحكومية بهيئة مكافحة الفساد «نزاهة» وهو أنها علاقة متأزمة، فما إن تعلن الهيئة عن رصد عملية فساد أو إهمال في التصدي له في إحدى المؤسسات الحكومية حتى تسارع غالبا هذه المؤسسة لإصدار بيان تهاجم فيه الهيئة وتنفي التهمة أو تتنصل من مسؤوليتها عنها! ردود الفعل التي تتسم بالانفعال والعدوانية محل استغراب وتعجب، فالمفترض أن «نزاهة» عون لكل مؤسسة حكومية في التصدي للفساد المالي أو الإداري ومواجهة القصور والمساعدة على مكافحة الفاسدين وتطهير المكاتب منهم، لكن العجيب هو أن بعض مسؤولي الإدارات الحكومية يدافعون عن إداراتهم ظالمة أو مظلومة، وكأن التهم تمسهم شخصيا وهو ما أفسره بأنه محاولة لدفع الشبهة عن قصور أدائهم وغياب رقابتهم الأمر الذي يوفر المزيد من المساحة والحرية للفساد والفاسدين! تذكروا جميعا أنكم تعملون تحت سقف حكومي واحد وتمثلون سياسة حكومية واحدة وتخدمون مجتمعا واحدا، وأن الهدف الأساس هو الارتقاء بأداء الجهاز الحكومي لتحقيق الإنجازات وخدمة المجتمع، وأن محاربة الفساد هو وسيلة لتخليص الأداء الحكومي من أحد أهم معوقاته وأسباب فشله! إن «نزاهة» التي تشكو من هوانها وضعف حيلتها بحاجة لمن يعزز دورها ويوسع صلاحياتها ويمدها بالقوة اللازمة لاختراق الجدران السميكة وقفز الأسوار العالية لتحقيق أهدافها، لا لمن يضع العراقيل في طريقها ويزيدها وهنا على وهن!