×
محافظة المنطقة الشرقية

الوطني المشعان مدرباً لناشئي الطائي

صورة الخبر

تشكيلات الجماعات المتطرفة تكتسب ذات السمات التي يمكن أن تتشكل بها العصابات التي تعمل في الجريمة المنظمة، والقاسم المشترك بينها في خاتمة المطاف هو السلوك الإجرامي الذي يتعدّى على حريات وحقوق الآخرين في الأمن والأمان واستباحة أنفسهم ودمائهم وأعراضهم وأموالهم. عصابات المخدرات وغسيل الأموال، على سبيل المثال، تنتهي الخدمة فيها بالموت، ولا يمكن لأي عضو في تنظيماتها العصابية أن يتخارج أو يتقاعد، إما أن يواصل أو يكون الموت مصيره، وذات الأمر بالنسبة للجماعات المتطرفة، لا تقبل المخارجة منها إلا حين يستغفل التائبون قياداتها وأعضاءها ويعودون إلى رشدهم وبيئتهم الاجتماعية، بعيدا عن الفوضى التي تتخذ الدين غطاء وستارا لجرائمهم. والمفارقة أن عصابات المخدرات والمافيا أرحم من العصابات المتطرفة، فهي لا تستند الى أساس ديني يضع الجنة في كفة والنار في الكفة الأخرى، ولو أن اتباع تلك التنظيمات المتطرفة وجدوا خيارات المافيا وانتموا إليها؛ لكان أفضل لهم من أن يغمسوا دينهم وإنسانيتهم في تضليل قبيح يعمل فيه القائد أو الزعيم كمصدر لصكوك الغفران وامتلاك الحقيقة المطلقة. السلوك الإرهابي للجماعات الدينية أصبح شائنا ومكشوفا ومنبوذا، ومن يرى في عمليات القتل والذبح والرجم طريقا للجنة، فإنه -ولا شك- مختل عقليا، لأن ذلك لا يستقيم مع أي ضمير أو نزعة إنسانية سويّة، تلك جرائم ينبذها الدين، وحين نعتمد مقياس أن الإثم ما حاك في النفس، فإنه يمكن لكل تابع لتنظيم إرهابي أن يتدبر مع نفسه قليلا فيما يفعل مع هذه العصبة الملوثة عقليا، ويجد بفطرته أن ذلك خاطئ تماما. لا يمكن نصرة الدين بالقتل والدم، ولا يمكن أن يكون ذلك جهادا دون تعيين أو دعوة ولي الأمر له، خلاف ذلك يصبح كل ما يقوم به المتطرفون عبثا بالدين والإنسانية، فالدين ينتصر بالقدوة الصالحة التي تستفز عقل الآخر وتمنحه جرعة إيمانية تدفعه لبحث ذلك السلوك الذي يجعله مؤمنا ومطمئنا، ولذلك ديننا هو دين السلام والرحمة والعمل الإنساني، وقادر من خلال ذلك على جذب مزيد من الحشود غير المؤمنة والمؤمنة بغيره. حين فجّر المتطرفون برجي التجارة العالمية، وقتلوا وذبحوا العديد من الغربيين في مختلف أنحاء العالم، يحسبون بذلك أنهم ينصرون الدين وقضايا الأمة، فيما لا حاجة في الواقع لكل تلك الجرائم التي زادت من الفجوة والجفوة للإسلام والمسلمين، في وقت ينتشر فيه الدعاة في مجاهل أفريقيا يدعون بالتي هي أحسن والكلمة الطيبة دون ضجيج تفجير أو قتل أو خيارات عدائية عنيفة بين بيعة لخوارج أو جزية لهم أو قتل رخيص. لا بد من مكافحة الفكر الإرهابي ليس لتخليص الدين من زوائده الإنسانية غير المجدية عقديا ودعويا وحسب، وإنما لتبيان صحة وسلامة ديننا وعقيدتنا وعدم حاجتها للإجرام والفعل غير الأخلاقي والإنساني، فنحن نعمل من خلال تعاليم ديننا دون إفراط أو تفريط، ونتعاطى مع غيرنا ممن لم يسلموا وذلك كفيل بأن يقدمنا كمسلمين أكثر قناعة بأن الإسلام يمنح كل باحث عن الحقيقة والسلامة الذاتية والقلبية أمانها الذي تبحث عنه، ويمكن بزيارة لمكاتب توعية الجاليات أن نرى كسب ديننا بعيدا عما تفعله تلك العصابات، ودون حاجة لاستخدام السواطير في جز الرؤوس وإنما اللسان والمنطق في اختراق العقول.