عسكريًا لا جديد على الحدود الأردنية العراقية باستثناء نشر آليات ومعدات عسكرية أردنية إضافية على طول الحدود الأردنية العراقية وهي تعزيزات ضاعفت من حجم وعديد القوات العسكرية التي ترابط على طول الحدود منذ أن بدأت المعارك بين الجيش العراقي وتنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام. الانتشار العسكري الأردني المكثف على طول الحدود مع العراق والذي بدأ منذ انسحاب الجيش العراقي بعد سيطرة قوات داعش على مناطق عدة على تخوم الحدود مع العراق جاء تخوفا من تسلل قوات داعش إلى الأراضي الأردنية. معبر الكرامة المنفذ الوحيد بين الأردن والعراق يشهد حالة من الهدوء وهو هدوء يرفع منسوب التوتر لدى الجيش الأردني المنتشر ضمن قطاعات عسكرية بطول 200 كلم على طول الحدود المشتركة مع العراق تحسبا لأي طارئ خصوصا ان قوات داعش لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الحدود المشتركة. ومعبر الكرامة الذي يعيش حالة شلل وتوقف تام لحركة مرور المسافرين وشاحنات النقل باستثناء حالات لعبور مواطنين عراقيين تمكنوا من الفرار من قبضة داعش وتهديداتها لهم بالقتل وهي حالات مرور قليلة بحسب مراقبين من سكان المنطقة الحدودية. مسيحيو الموصل «المدينة» التي تزامنت جولتها على الحدود الأردنية العراقية بعد بدء تجمع المئات من المسيحيين العراقيين الهاربين من بطش داعش في الموصل بعد ان هجرهم تنظيم الدولة الاسلامية وتمكنوا من الوصول الى الحدود الاردنية العراقية حيث استقبلهم الجيش الاردني ووفر لهم الحماية لحين نقلهم الى اماكن آمنة في العاصمة الاردنية. وأسهب العديد منهم في شرح ما مروا به من أحداث منذ انسحاب الجيش العراقي الذي ترك سكان الموصل من مسلمين ومسيحيين تحت سيطرة «داعش». واستمعت «المدينة» من هؤلاء المهجرين البالغ عددهم نحو 220 لاجئا من اصل 1000 لاجىء عراقي مسيحي يستعد الاردن لاستقبالهم وفق ترتيبات بين الحكومة الاردنية وكنيسة الفاتيكان بعمان. الاب ميشيل العوا الذي كان اول من تحدثت اليه «المدينة» قال لقد استفردت قوات «داعش» بمحافظة الموصل واجتمعوا برجال الدين المسيحي ليطلبوا منهم أن يبلغوا رعاياهم بشروط ثلاثة: دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو تطبيق حد السيف. وقال نحن مكون مسيحي أصيل في العراق ولا نقبل بالجزية ولا أن نغير ديننا، وبعد أن رفضنا هذه الشروط جاء الإنذار النهائي من «داعش» لكل المسيحيين بضرورة ترك المدينة عبر مكبرات الصوت في المساجد. استبدال الجزية وأضاف الأب ميشيل فرضت «داعش» الجزية التي تبلغ قيمتها 550 ألف دينار عراقي (450 دولارًا أميركيًا) على الشخص الواحد وما لبث أن قام تنظيم الدولة لاحقا بإلغاء شرط الجزية هذا، وأصبح الأمر إما أن نتحول للإسلام أو نموت وحينها بدأ التدفق الكبير ولم يبقَ أي مسيحي في الموصل ونزحوا نحو سهل نينوى ثم إلى كردستان. ويروي الاب ميشيل انه في طريق النزوح كانت هناك نقاط تفتيش لـ»داعش» حيث سلبوا من الناس مركباتهم وأموالهم وكل ما يحملون حتى حليب الأطفال وأعطوا العوائل مبالغ نقدية تكفي فقط لسيارة أجرة لإكمال طريقهم. واستغرب الأب ميشيل ما وصفه بـ»الصمت الرهيب من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة تجاه الإبادة الجماعية لمكون رئيسي في العراق» مطالبا العالم بالالتفات الى النازحين العراقيين في كردستان العراق الذين يعيشون ظروفا صعبة بسبب كثرة أعدادهم وعدم قدرة الإقليم على توفير احتياجاتهم اللازمة. أجمع المهجرون المسيحيون الذين التقتهم «المدينة» على عدم رغبتهم بالعودة إلى العراق حتى لو عاد الاستقرار اليه مطالبين باللجوء إلى دولة أجنبية لأننا نبحث عن الأمان ولا أمان في»الدول العربية.»كما بدت على أطفال هؤلاء المهجرين آثار جروح نفسية غائرة بسبب ما فعلته بهم عصابات داعش من أذى بممارستها الارهاب حتى على الأطفال. رحلة مأساوية وعبر مسيحي آخر يدعى زياد صليبيا عن سوء الأوضاع في بلده بقوله: بدأت رحلتنا المأساوية منذ خروجنا من ديارنا الى المجهول وصلنا اولا الى سهل نينوى ومن ثم ذهبنا الى اقليم كردستان وحاول هذا الاقليم بالفعل مساعدتنا إلا أن حجم المأساة وأعداد النازحين الكبير جدا يفوق كل الطاقات. اما السيدة المسنة نجيبة جبو (80)عامًا، والتي بكت بألم وهي تصف كيف اضطرت لترك وطنها وكل ما تملك، فقالت: لم يمر علينا في تاريخنا شيء كهذا أبدًا، معربة عن أمنياتها بأن تتمكن من الانضمام لابنها وابنتها المقيمين في كندا. فيما أشارت ريما نغم إلى أنها تركت هي وعائلتها بيتهم كما هو بأثاثه بعد أن أمهلتهم «داعش» ثلاثة أيام لمغادرة الموصل مشيرة الى ان البعض منا وصل الاردن عن طريق الطيران عبر اقليم كردستان وبعضنا الآخر تمكن من الوصول عبر الطريق البري. وتقول إحدى العجائز إن خروجهم من بيوتهم موت.. ودفع الجزية التي اختارها البعض لينجوا كانت كذبة كبيرة فهي أخذ مال فقط ولا أمان يذكر بعد استلام المال وسبي بناتهم موت أكبر. قطع رؤوس الأطفال أبو انطون الذي تحدث لـ»المدينة» عن قصص تخالط الخيال كيف خرج العراقيون في الموصل من بيوتهم الى منطقة قرقوش او ما تعرف بسهل نينوى وصولا لاربيل كردستان، حيث استطاع قرابة 250 عراقيًا المجيء الى الأردن وسيلحق في دفعات أخرى قرابة 750 شخصًا وسمحت الاردن بدخول 1000 مسيحي عراقي مهجر سيقطنون في الأماكن التابعة للكنائس الكاثوليكية في الأردن. «البيوت.. الأثاث.. المحلات والذهب.. كل شيء راح.. نهبه داعش... نفذنا بأرواحنا وأرواح ولادنا.. كلمات غصت بالدمع تحدث بها أبوانطون وهو يروي كيف كان ينهب الداعشيون اهل الموصل وهم راحلون يأخذون حقائبهم وذهب نسائهم ومن استعصى عليهم أخذ محبسه - دبلته- يقطعون اصبعه لأخذ قطعة الفضة أو الذهب. إحدى النساء لم تملك في رحلتها سوى ولديها التوأمين، فلم يجد الداعشيون سواهما للمصادرة اخذوا الطفلين وقطعوا رأسيهما أمام والدتهما ودحرجوا رأسيهما فانهارت الأم. ويضيف «أعادوا العراق الى عصر الجاهلية وكأننا نعبد الاصنام ولسنا ديانة أنزلها الله، العراق لن تعود وما حدث معنا هو «تاريخ يعيد ذاته»، هذا هو العراق يهدأ ويثور، نحن لا نريد ان نترك العراق وكلنا أمل أن نعود... إلا ان ارادة الله فوق الجميع» ويتابع بحسرة لو كنا هناك الآن ستسبى نساؤنا، ما يحدث الآن في العراق هو عصابات. حدود متوترة «المدينة» بعد ان استمعت الى معاناة مسيحيي العراق تجولت على المناطق المتاخمة للحدود العراقية وشاهدت القطاعات العسكرية وخاصة قطاع قوات حرس الحدود المنتشر بإسناد من سلاح الجو الملكي وهو قطاع يحكم سيطرته على طول الحدود بعد نشر راجمات الصواريخ الأردنية. وتبدو المنطقة الحدودية آمنة والحركة فيها تسير بشكل طبيعي وحرس الحدود الأردني يرصد كل ما يحدث على الحدود وتعتمد على ما تملكه من عقيدة قتالية وأسلحة فعالة ومتطورة. ويؤكد الجيش الأردني باستمرار أن قواته مؤهلة ومدربة لكافة الظروف.. وأنه لا علاقة للاردن بالأوضاع الأمنية المتسارعة في العراق وان واجب قواته حماية حدود الاردن. وعزز الجيش وجوده في منطقة الحدود بإرسال آليات عسكرية وأرتال من الدبابات وناقلات جنود وراجمات صواريخ حتى اصبح الجيش بأعلى جاهزيته وكفاءته وخبراته التي تضمن سلامة الحدود الاردنية من أي اختراق. وبحسب المشاهدات خلال الجولة فقد حشدت قوات الجيش الاردني البرية والجوية قواتها على طول الحد الحدودي واخذت احتياطاتها على اكمل وجه لمنع اي اختراق محتمل.ويعد معبر طريبيل الواقع على حدود الكرامة والذي يبعد عن العاصمة عمان قرابة 370 كلم المعبر الوحيد بين البلدين. وانتشرت مدرعات الجيش الاردني على طول الحدود وفي باقي المناطق المتاخمة لمعبر طريبيل في منطقة الكرامة شرقي المملكة اضافة الى تحليق طائرات السلاح الجوي الملكي بطلعات استكشافيه لتأمين الحدود وردع اي محاولة للتسلل او اختراق للحدود. تأمين الشريط الحدودي وتبذل قوات حرس الحدود جهودًا كبيرة بتأمين الشريط الحدودي بين الأردن وكل من العراق وسوريا اللتين تشهدان اوضاعا امنية مضطربة وتقود تلك القوات اضافة الى مهامها الامنية والعسكرية جهودًا إنسانية في استقبال وتأمين اللاجئين القادمين من سوريا حيث عملت ألوية حرس الحدود المختلفة على تأمين دخول نحو 700 ألف لاجئ سوري وصلوا الى المملكة عبر العديد من المنافذ غير الرسمية وقدمت لهم يد المساعدة الى حين ايداعهم في مراكز الاستقبال ونقلهم الى مخيمات اللاجئين. كما تتصدى قوات حرس الحدود بشكل يومي لمحاولات التسلل والتهريب التي تفاقمت بعد انهيار الاوضاع في سوريا ما أضاف أعباء جديدة. وفي مقابل ما تشهده الحدود من تدني أعداد المسافرين تزداد التعزيزات العسكرية كإجراء امني احترازي كانت الحكومة قد كشفت عنه سابقا، لتبدو منطقة الحدود وكأنها منطقة عسكرية تنتشر فيها الدبابات وقاذفات الصواريخ، فيما تحلق الطائرات بين الفينة والأخرى في سمائها. وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية الدكتور محمد المومني أكد أن القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية تتابع ما يحدث من تطورات على الحدود وستتخذ الإجراءات الضرورية والاحترازية على مدار الساعة بحسب مقتضى الحال وتداعيات الموقف. ولفت المومني إلى أن القوات المسلحة قامت بتعزيز قواتها على الحدود مع العراق بوحدات مدرعة وآلية ووحدات مدفعية وصاروخية كإجراءات احترازية اتخذتها القيادة العامة للقوات المسلحة لضمان أمن الوطن وسلامة المواطنين. المزيد من الصور :