في الوقت الذي تبذل وزارة العمل جهوداً جبارة في سبيل إصلاح سوق العمل وإعطاء العمال بعضاً من حقوقهم يغيب عن المشهد البحث في إمكانية فسح المجال لرأي العمالة لكي تأخذ وتعطي مع أرباب العمل. هذا التقليد معمول به في معظم دول العالم خاصة الدول الصناعية. التحولات التي تشهدها المملكة في مجالات التصنيع بحاجة الى كيانات تشمل الجميع حيث أن الغرف التجارية ترعى مصالح قطاع الأعمال والصناع ولكن القوى العاملة تنتظر حماية قوة النظام الذي عادة ما يكون من صنع القطاع الخاص. في الخمسينات والستينات من القرن الميلادي الماضي كان عمال أرامكو في مقدمة المطالبين بحقوقهم عندما كانت ملكية الشركة وإدارتها أجنبية ورغم أن طلباتهم لم تكن تتمتع بالطابع الرسمي إلا انها كانت مؤثرة الى حد كبير.والرعيل الاول من موظفي شركة أرامكو يدركون كيف كانت أحوال العمال في ذلك الزمن وكيف هي الآن عندما تحولت الملكية بالكامل للدولة وأصبحت الادارة سعودية من القمة الى قاعدة الهرم التنظيمي. الصحافة كانت متعاطفة مع الطلبات العمالية وكان عبد الكريم الجهيمان رحمة الله عليه وغيره من بين أبرز الصحفيين الذين نافحوا عن حقوق العمال بطريقتهم الخاصة عن طريق المقالات في الصحف والرواية أيضاً. والعمال الرواد في تلك الفترة قدموا الكثير في سبيل التحول الذي شهدته المملكة من خلال التعلم والصمود والارتقاء بمستوياتهم الوظيفية والفنية حتى نالوا بعض استحقاقاتهم عن جدارة في حقول البترول وصناعة النفط بصفة عامة.وعندما نحتفي بكون المملكة أكبر منتج ومصدر للبترول علينا أن نتذكر ان أبناء البلد العاملين في تلك المنشآت البترولية هم الذين يشكلون العمود الفقري في استخراج وتكرير وتسويق الثروة النفطية التي مست آثارها الايجابية كل مواطن في المملكة بالإضافة الى ما تقدمه للاقتصاد والازدهار والرخاء العالمي. والتقاليد العمالية المكتسبة المبنية على الانضباط وحب العمل واحترام النظام هو ما أدى الى المستوى الذي نشهده عندما تستعين الدولة بشركة أرامكو لتنفيذ بعض المشاريع الكبيرة التي استوجب الامر تنفيذها بمستوى عالٍ في أوقات قياسية حتى اصبح منتج أرامكو ماركة مسجلة وشهادة يعتز بها كل مواطن. والنموذج المنظم الناجح ينبغي الاقتداء به وإعطاؤه حقه في نفس الوقت.الجهود التي تبذلها وزارة العمل في سبيل تنظيم سوق العمل يجب أن تنتقل من مستوى الإصلاحات الإجرائية التي تركز على العمالة الوافدة ومناشدة القطاع الخاص بتوظيف السعوديين الى مستوى تنظيم رسمي يحمي حقوق العمال ويساعد الادارات الجادة على تقويم أي اعوجاج في سلوكيات العامل بطرق نظامية بعيدا عن الفصل التعسفي أو العزوف عن التوظيف. وإذا نظرنا الى كل الدول الصناعية الكبرى سنرى أن التنظيمات العمالية شريك رئيسي في نجاحاتها وهي تعترف بذلك وتفاخر بالطبقة العمالية وبتعاونها من أجل الصالح العام. الطبقة الكادحة هي المحرك الرئيسي لعجلة الانتاج ومن حقها أن تكون شريكاً له رأي في مستقبل التصنيع ونوعيته.وهي ايضا شريك فعال في الدخل العام من خلال الضرائب وتتوقع خدمات مقابل ذلك بمستوى يلبي الحاجة مثل التعليم والعلاج والخدمات العامة وجودة الطرق ووسائل النقل المتعددة. والاقتصاد الرأسمالي يعتمد ويعترف بدور الطبقة العاملة ويحرص على حشد تعاونها ومشاركتها وعلى إعطائها حقوقها حتى لا تتوقف عجلات الإنتاج. والدولة ممثلة في وزارة العمل تشارك في مؤتمرات منظمة العمل الدولية ولديها خلفية عن الأنظمة والقوانين التي تسير تلك المنظمة ومدى تأثير التنظيمات العمالية فيها وعلى ضوء ذلك فان من المستحسن النظر في فسح المجال لمشاركة عمالية في تنظيم شؤون العمل أسوة بالهيئات الاخرى في المملكة وغيرها..والله من وراء القصد. Salfarha2@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (23) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain