×
محافظة المنطقة الشرقية

"الداخلية" تُنفِّذ حكم القتل قصاصًا في قاتل "القحطاني" بالجبيل

صورة الخبر

كانت مجرد فكرة طرأت على رأسي وأنا في طريقي إلى عيادة الأسنان، هل يمكن لي أن أتابع حساب لأي وزير في الدولة عبر "تويتر"؟ والحقيقة التي وصلت إليها ما إن وضع طبيب الأسنان المخدر في فمي؛ أنني لا يمكن لي أن أفعل ذلك، مؤمنة تماما بأنني لن أجد في حسابه ما يشفي غليلي كمواطنة، ولكن لو كان هناك وزير وقد استقال من وزارته، وفتح حسابا شخصيا ليغرد به، أظن أنني سأكون أول المتابعين له، بحكم أنه لربما امتشق السيف عاليا، وقرر أن ينفصل عن "بشته" ويفتح قلبه لنا نحن كمواطنين، ليخبرنا بما كان يحدث في وزارته، ويرشدنا عن كيفية سير الوزارة، فأنت لو سألت أي مواطن عن دور أي وزير أو مثلا عن مهام أعماله، فإنه سيقول لك إجابة واحدة: "مهمته أنه وزير فقط". بالفعل، نحن لا نملك أي ثقافة عن مهام القائمين على شؤون الوطن والمواطنين، وهذا شيء لا أجده غريبا فهي ثقافة عربية عامة، نحن لا نعرف دور أي رأس كبيرة في أي مؤسسة من الدولة سوى أنه "بيه، وباشا، والكل في الكل". وعرجا على الوزير وحساب تويتر، ذات مساء ذهبت لاستلام عباءتي من المحل الذي أتعامل معه، ففوجئت بالشاب اليمني الطيب "منير"، يخبرني على استحياء أنه يتابعني، وأنه قد علم بمرضي من خلال تغريداتي التي كتبتها في حسابي، وكعادة العرب جاملني قليلا، وقال إنه يستمتع بالتفاعل الذي يجده في الحساب. الغريب أنني لم أفرح أبدا، بل شعرت بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي، وبأن عليّ أن أكون أكثر تهذيبا في المرات القادمة، خاصة أنني من خلال ردودي على بعض المتابعين المشاغبين، والمرفوع القلم عنهم، أجدني من السهولة جدا استفزازي، وأنا مؤمنة بضرورة أخذ الحق ولو بالذراع، ربما يختلف أو يتفق معي البعض، لكن هذا التفكير ورثته عن أمي، ولم أتخلص منه بعد. متابعة "منير" لم ترق لي أبدا؛ لأنني في الواقع أتعامل معه في المحل الذي يعمل فيه، بكثير من الاحترام والحذر مع وضع الكثير من الحواجز، في حين أني على شبكة التواصل الاجتماعي، أتنفس بكامل حريتي دون قلق أو خوف أو مراعاة لبعض الحقائق بعدم نقلها أو التصريح بها. فطرأ في ذهني تساؤل مُلِحّ، خرج كحرف براق، قاطع بحد السيف، وقد أثار بداخلي الدهشة والرغبة في الوصول إلى المعرفة: هل لمديري الأقسام في أي مؤسسة عامة أو خاصة حسابات شخصية في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي؟ وبما أن تويتر هو الآن المسيطر على الساحة في المملكة، حتى إن ابن أختي ذا الثمانية أعوام لديه حساب خاص، لذا فالأمر طبيعي أن يكون المدير من ضمن هذه الكوكبة الهائلة، لكن تخيل لو كان لمديرك حساب يغرد به، وتصور أنك تطلع يوميا على حسابه لتتعرف على مزاجه، وتراقب الأوقات التي يدخل فيها، وتقرأ ما يكتبه، وتفهم من خلال تغريداته توجهاته الدينية والاجتماعية والسياسية التي تجهلها، وإذا ما وضع صورة كاريكاتورية، كيف ستتقبل الأمر؟ هل سيكون ما فعله متلائما مع شخصيته في العمل وشخصيته العادية عبر تويتر، أم لا؟ ونأتي الآن "للبيه المدير" المسكين، وسؤال لا أرغب من خلاله أن يخسر فرحته بمكانته ووظيفته، هل يمكن له أن يشعر بأن له الحق في أن يغرد حاله كحال موظفيه؟ وهل يتوقع أن بعض موظفيه يتابعون تغريداته، بل ويتفاعلون معه، إما بحكم المصالح، أو التعزيز له وإعطائه المكانة التي يريدها؟ هل يشعر المدير بأن عليه أن يكون متحفظا فيما يكتبه؟ وهل عليه أن يختار الأوقات التي يكتب فيها؟ حتى لا يتهم أنه يستغل وقت عمله في التغريد متجاهلا الأعمال المتوقفة على توقيعه؟ الأمر المثير، هو أن الموظف يشعر بالحرية بالتعبير والكتابة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لكن المدير أظن أنه محروم من هذه المتعة، لأنني أجد أن تويتر والانستجرام والفيسبوك رغم أني لم أكن يوما من محبيه، يفرض عليك أن تكون شبه متعر أمام الآخرين، وسريعا ما سيكتشف الجميع ميولك وأفكارك، وأحيانا سوف يقرؤونك بطريقة خاطئة ومختلفة. يخبرني البعض من دول مجلس التعاون، بأن مديريهم معظم حساباتهم تتعلق بالرياضة، وما يختص بناديهم المفضل، وأنهم يتحاشون مطلقا الحديث عن أي تجربة قد مروا بها، فيما تتحول حسابات بعضهم إلى مجرد ألبوم توثيقي لصورهم مع كبار الشخصيات من الأمراء والشيوخ، فكأنهم بذلك يودون أن يخبروا موظفيهم بحجم مكانتهم العامة. أشعر بالشفقة على كل مدير مؤسسة لا يملك فرصة حقيقية في التعبير والتغريد، إما بالشتم أو العتب أو حتى في إظهار مدى تحيزه لأي حزب أو فكرة، أو يتحدث عن شوقه الكبير كجميع العشاق وعن حكاياته وقصصه، أو حتى مخاوفه وشقائه في منصبه على سبيل المثال، إنه أشبه بالمعلمة التي تخجل من أن ترقص في أي زواج، خوفا من أن تراها تلميذاتها في المدرسة وهي تمارس حقها الطبيعي في الفرح والرقص، لتصبح في اليوم التالي وجبة فطور دسمة لطالباتها، ويبدأن في نقل كيفية رقصها والسخرية مما قامت به. فلا المدير يعرف كيف له أن يمارس حقه في التغريد، ولا المعلمة تعرف كيف لها أن تمارس حقها في الفرح والرقص!