عاد فريقا التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي، مساء السبت، إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بوساطة مصرية في محاولة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل دائم، خلال اليومين المقبلين، وسط تكهنات متفائلة، وكثير منها متشائمة. وأعربت مصادر فلسطينية قريبة من رئيس وفد التفاوض الفلسطيني، عزام الأحمد، عن وجود فرصة كبيرة لتوقيع اتفاق التهدئة الدائم، بعد انتهاء موعد الخمسة أيام للتهدئة، والمقرر انتهاؤها منتصف ليلة الثلاثاء، وقالت تلك المصادر: إن هناك بعض القضايا المهمة سيجري حسمها في الساعات الأولى للمفاوضات، ثم الانطلاق نحو تفاصيل ما تم الاتفاق عليه. وقال الأحمد، أمس: إن جولة من المفاوضات برعاية مصرية ستبدأ اليوم الأحد، و غدا الإثنين. واستنادًا إلى مصدر وصفته بالمطلع، فإن مصر أبلغت الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات القاهرة، بأنها لن تقدم المزيد من المقترحات إلى الطرفين. وقال القيادي في حركة حماس، إسماعيل رضوان: إن الحركة أجرت تعديلات على المقترح المصري الأخير، موضحاً أنها ترفض تأجيل البحث في موضوعي الميناء والمطار، إلى ما بعد شهر من توقيع الاتفاق النهائي لوقف إطلاق النار. وأضاف رضوان: إن حماس ستواصل مشاوراتها مع جميع الفصائل للوصول إلى ورقة موحدة تقدم للجانب المصري الذي سيعرضها بدوره على الوفد الإسرائيلي، اليوم. من جهته، قال بسام الصالحي، عضو الوفد الفلسطيني المفاوض: إن احتمالات التوصل إلى اتفاق ليست كبيرة، بسبب الخلافات التي ما زالت قائمة حول مختلف المواضيع، مؤكداً على ضرورة إعادة تشغيل المطار، وإقامة ميناء في غزة. إعادة الإعمار وكان أعلن الأحمد في تصريح متلفز، مساء الجمعة، عن عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار ما دمرته إسرائيل خلال عدوانها على القطاع، مطلع شهر سبتمبر المقبل، في العاصمة المصرية القاهرة، بمشاركة كافة الجهات الدولية والمانحين. مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على إعادة إعمار غزة والاتفاق على رفع الحصار على المعابر، مبينًا أن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة عن تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في القاهرة. وأوضح الأحمد، إن الشعب الفلسطيني وقيادته لا يمكنهم القبول باتفاق لا يلبي الحقوق الفلسطينية وأهدافها، وفي مقدمتها إعادة تشغيل الميناء ومطار غزة المدني، وفتح المعابر والبدء في عملية الإعمار، ورفع الحصار بشكل شامل وضمان حرية الحركة من غزة إلى الضفة الغربية والعكس. وفد موحد وأكد الأحمد أن الوفد الفلسطيني ذهب موحداً ليطالب باستعادة ما سلبه الاحتلال من حقوق، متهما الوفد الإسرائيلي بالمراوغة وتبديد الوقت. وأوضح أن الكثير من النقاط قطعنا شوطا بعيدا فيها، لافتاً إلى أن قضايا الأسرى، وتبادل جثامين الشهداء، وترتيبات تتعلق بالميناء والمطار، تحتاج لبعض الكلمات الضرورية، حتى نستطيع أن نقول: إن الاتفاق اكتمل ويؤدي الغرض بوقف إطلاق النار، ووقف العدوان، ورفع الحصار بالمعابر البرية التي تربط غزة بإسرائيل، والسماح بتنقل الأفراد والبضائع بالاتجاهين من الضفة إلى غزة وبالعكس. وتابع: كل ما سيتفق عليه يجب أن يخضع للاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية منذ تأسيها وحتى اليوم. الميناء والمطار ورداً على سؤال، لماذا ترفض إسرائيل إنشاء ميناء ومطار في غزة؟ قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح رئيس المركز الاقتصادي (بكدار) د. محمد اشتية: إنه تم الاتفاق على إنشاء ميناء فلسطيني في قطاع غزة خلال فترة المراحل الانتقالية، وتم التوقيع عليه في وقت سابق. وأشار إلى أن إسرائيل لا تريد للميناء أن يعمل؛ لأنه يقع في دائرة الخنق للاقتصاد الفلسطيني، ويقع في خانة مستقبل قطاع غزة كجزء من المستقبل الفلسطيني. وأوضح اشتية أن مركز "بكدار" بحوزته كامل المخططات لإنشاء الميناء، مبيناً أن فريقاً هندسياً فلسطينياً ذهب إلى هولندا وأجرى فحوصات على تكسر الأمواج، وغيرها من الأمور التقنية والفنية المرتبطة بإنشاء الميناء، وتم التوقيع على بناء الميناء لكن إسرائيل ترفض ذلك. وقال اشتية: إن المطار والميناء مرتبطان بالممر الآمن الذي يربط قطاع غزة بالضفة، لخلق تواصل جغرافي وديموغرافي وسوق موحد. وأضاف، أن إعادة العمل بالمطار وإنشاء ميناء سيكون له آثار إيجابية عديدة على الاقتصاد الفلسطيني؛ لأنه سيجعل غزة ترتبط مباشرة بالعالم الخارجي، ويعمل على تسهيل حركة النقل للبضائع والأفراد ونقل بضائع بكميات كبيرة وبثمن أقل. وفيما يتعلق بإمكانية الاستفادة من الغاز على حدود قطاع غزة، أكد اشتية أن السلطة وقعت اتفاقية مع شركة بريطانية للاستفادة من الغاز لكن الخلاف الفلسطيني الإسرائيلي حول الحفريات وتعريف مكان وجود البئر والفوارق الضريبة أعاق تنفيذ ذلك. ويرى أشتية أنه يجب توزع هذا الغاز كأسهم لكل الفلسطينيين الذين تضرروا من العدوان على قطاع غزة، دون أن تنتفع منه أي شركة دون شكل من الاشكال، لافتا إلى أن هناك تفاوضا مع عدة شركات للاستفادة من المقدرات الفلسطينية الطبيعية، لكن دون حل سياسي لن يتم ذلك. رواتب الموظفين وحول موضوع الرواتب الخاصة بالموظفين الذين تم تعيينهم بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، قال قيس عبد الكريم أبو ليلى، عضو الوفد المفاوض: إنه لا يوجد اعتراض دولي أو إسرائيلي على موضوع الرواتب، وبات هذا الموضوع واحداً من النقاط المحسومة، على أساس أن حكومة الوفاق الفلسطيني يجب أن تتمتع بالحرية في الإيفاء بجميع التزاماتها في مؤسسات السلطة. وعن موضوع إعادة الإعمار، أكد أبو ليلى من حيث المبدأ: هناك تأكيد عليه لكنه يصطدم بعقبة الاعتراض الاسرائيلي، وهي الاستخدام المزدوج لمواد اعادة البناء كاستخدامها في التصنيع العسكري، مشددا على ضرورة وجود نص واضح في أي اتفاق يقضي بحرية ادخال جميع المواد لغزة. وفي سياق هذه العملية التفاوضية التي وصفها بالصعبة والشاقة، تحدث أبو ليلى عن وجود حوارات داخلية فلسطينية هامة تزيل الكثير من العقبات والألغام التي كانت قائمة في مسيرة المصالحة، مؤكداً وجود تحسن في العلاقات الفلسطينية المصرية وكذلك الدولية، وهذا من الإنجازات التي تحققت بفضل صمود المقاومة وشعبنا في غزة بمواجهة العدوان.