قبل أن أعلق على الخبر البارز الذي نشرته هذه الصحيفة يوم الخميس الماضي بعنوان (الصحة تلتزم بتسهيل إجراءات علاج المرضى في الخارج) أتمنى على معالي المهندس عادل فقيه أن يسمع هاتين القصتين القريبتين. مواطنة سعودية اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي أثناء زيارتها لابنتها المبتعثة في أمريكا، وقرر الأطباء في أحد أشهر مراكز السرطان بدء العلاج الكيماوي والجراحي فورا، تدبرت الأسرة أمرها ودفعت مبلغا باهظا لبدء العلاج ثم رفعت التقارير إلى وزارة الصحة من خلال القنوات المتبعة، ومرة بعد أخرى يأتيها الرد بأن العلاج موجود في المملكة بينما هي ترقد في المستشفى. دفعت الأسرة كل ما تملك لاستكمال العلاج واستنجدت بالملحقية الصحية لكن كل شيء كان ينتهي عند تعنت إدارة الهيئات الطبية. وصلتني تقاريرها وأوصلتها بنفسي إلى الوزارة استشعارا لمسؤولية المهنة والإنسانية تجاه مواطنة تعاني، ولكن علمت لاحقا أنه لم يحدث شيء. مواطن أفنى عمره موظفا في وزارة الصحة وبعد التقاعد أصيب بمرض الروماتويد شديد الوطأة نتج عنه تشوهات في مفاصل اليدين أعاقته عن استخدامهما بشكل شبه نهائي. أجريت له عملية في مستشفى الملك فيصل التخصصي لم تفده كثيرا، وقرر الأطباء في تقرير رسمي أن علاجه متوفر في بعض المراكز المتخصصة في الخارج، وأيضا حاولت إيصال تقاريره وشرح حالته، لكنه منذ عام تقريبا لم يتحصل على موافقة العلاج. في المقابل يا معالي الوزير، نعرف جيدا السياحة العلاجية التي يتمتع بها الكثير رغم أن أمراضهم بالإمكان علاجها في مركز صحي وليس مستشفى، يقابلهم عدد كبير من المواطنين الذين يستحقون العلاج لكن مزاج الهيئة الطبية يستكثر عليهم ذلك لأنهم بسطاء لا يملكون قوة الواسطة، ولأن الهيئة وبعض الملحقيات الصحية تعمل بشكل فئوي وانتقائي وفق معاييرها الخاصة وليس بحسب معايير الطب وأخلاقيات المهنة. أقول قولي هذا يا معالي الوزير للتأكيد على ما تضمنه خبر عكاظ من اكتشاف الوزارة خللا كبيرا في عمل إدارة الهيئات الطبية بعد شكوى عدد كبير من المواطنين من تأخر علاجهم وعدم التجاوب معهم، ولو فتحت ملفات أكثر ستجدون ما يدمي القلب من قصص الإهمال والفوضى والمحسوبية وسوء الأداء، وكمثال بسيط فقط كيف يمكن لنا استيعاب عدم وجود ربط إلكتروني بين الإدارة العامة للهيئات والملحقيات الصحية في الخارج أو حتى فروعها في الداخل؟ هذا الموضوع يحتاج إلى عزم وحسم وبتر واستئصال وتغيير في آلياته وإجراءاته وكوادره وأنظمته، وهو أمانة في عنقكم ينتظرها كل مريض (حقيقي).