×
محافظة المنطقة الشرقية

ضبط 8 آلاف متسولًا وبائعًا متجولًا بمكة

صورة الخبر

جُبل الإنسان على حبّ القوّة، وعلى أن يعيش قويّاً عزيزًا ممكَّنًا في الأرض، مؤثِّرًا في الآخرين، مسموع الكلمة، صلب العود، قوي الشكيمة. فتلك فطرة فُطر عليها، ورغبة يتمنّى تحقيقها كلّ فرد؛ لذا تجده يسعى إليها سعيًا حثيثًا، ويبذل من أجلها الكثير من خلال بنائه لنفسه، وتأهيله الدائم لها، واكتشاف نقاط قوّته ليستثمرها، ونقاط ضعفه ليقوّمها. وكّل ذلك لا يخرج عن المقبول والمألوف والطبيعي؛ لأن ذلك فطرة سليمة لا غبار على إشباع احتياجاتها. لكن السبيل والطريق الذي يتخذه البعض لتحقيق ذلك هو ما ينبغي التوقّف عنده، وكشف ما له وما عليه. فالقوّة المباحة والمقبولة والمباركة هي القوّة في الحقّ، والتعامل مع الجميع بميزان الحقّ، واحترام الحقوق، وأداء الواجبات نحوهم وهي القوّة في التسامي والترفّع والترقي والتبرّؤ من الأنانية، والتحكّم في الهوى، والقيام بالعمل بمسؤولية وإخلاص. لقد تشوّه معنى القوّة أمام أجيال ناشئة صارت تعتقد أن القوّة هي القمع والقهر والظلم والاستبداد، والتعامل مع الآخرين بتعالٍ وتكبرّ، وأنانية. هذه الصورة البشعة للقوّة كانت منذ القدم ولا تزال. لكننا نميّز بينها وبين القوة الحقيقية ذات الملامح الجميلة والغايات العظيمة. اليوم أصبحت الصورة البشعة، والمفاهيم الخطأ للقوّة هي المسيطرة على عقول الناشئة، الذين غاب عنهم أن القوّة الحقيقية تملأ أجواء صاحبها بالحبّ والاحترام المتبادل، وتجعل العدل والصدق أرضًا للتعامل. والقائد الحقيقي هو من يحسن قيادة نفسه وانفعالاته قبل أن يقود الآخرين، ويسيطر عليهم، وهو من يتوق الناس للقائه والقرب منه، لا من يخافونه ويتمنون كفاية شره كأهم أمنيات حياتهم. (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ) إشارة نبوية مهمة تستحق أن نقف عندها وقفات تربوية في بيوتنا، ومدارسنا لنرسّخ بشكل صحيح كيف تتم صناعة المؤمن القوي. وكيف يتم بناؤه علميًّا، وفكريًّا، وأخلاقيًّا، وسلوكيًّا، وروحيًّا؛ ليكون قويًّا في التأثير، وفي النشاط الحياتي والاجتماعي والإنتاجي والفكري والعقلي، أمّا القوّة البدنية فهي أيضًا ترتكز على أخلاق، وقيم، ومبادئ. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) فالقوّة بلا أمانة بطش واعتداء، وتضييع للحقوق. فحينما يغتر المرء بقوّته البدنية، قد يسرف في بطشه بمن حوله. ويغفل عن أن قوّته الحقيقية في ضبط نفسه، واستعمال قوته بأمانة دون إسراف واعتداء. إنها معانٍ وقيمٌ وأسسٌ لترسيخ المفاهيم الحقيقية للأشياء، نحتاج أن نهتمَّ بها، ونسلّط عليها الأضواء في بيوتنا، ومدارسنا، وإعلامنا؛ كي لا ندفع الثمن بإخراج أجيال تعتقد أن القوّة هي البطش، وسحق الآخرين وحقوقهم. alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain