لم نفقْ بعد من صدمة زج الشباب المراهق في أتون الحروب والنزاعات الدائرة في سوريا حتى فاجأنا أب تنصل من أبوته ونزعت الرحمة من قلبه فخطف ابنيه (الطفلين) من والدتهما واصطحبهما معه إلى سوريا ونشر صور الطفلين وهما معصوبا الرأس ويحملان رشاشين كلاشنكوف وأحدهما يحمل بيده قنبلة يدوية وخلفهما شعار «داعش». وفي الوقت الذي يمنع النظام سفر الأبناء بصحبة أمهم خارج المملكة للسياحة أو الدراسة أو حتى العلاج إلا بعد موافقة والدهم؛ فإنه لا يمانع من سفرهم مع والدهم مهما كانت وجهته، وقد استغل الأب ذلك فأخذ الطفلين من أمهم عنوة وسافر إلى تركيا في الصيف وكأنه سائح ومنها دخل إلى سوريا!! وهذا الأب بتصرفه يعد غير راشد ولا مستؤمن على رعاية أبنائه ! فهو بكل بساطة يقود أبناءه إلى التهلكة والجحيم ! ولست أستوعب كيف لطفولة بريئة أن تعيش في أدغال الكراهية ومحارق الجهل والتخلف وأحراش الموت؟! كيف لطفل سيرى مناظر القتل وجز الرؤوس أن يحيا حياة سوية مستقبلا؟! وأحسنت الأم المكلومة صنعا حينما لجأت لإبلاغ الجهات المختصة واستنفرت المسؤولين الذين هبوا لنصرتها على أعلى مستوى حكومي، حيث تجري الاتصالات لاستعادة الطفلين، ونرجو ألا يطول غيابهم. والحق أنني أتعاطف مع الأم وأشفق على الطفلين وآسى على والدهم المختطف فكريا حيث إن تصرفه الأرعن كان نتيجة طبيعية للشحن العاطفي الديني الفارط وغير المنضبط! إن فكرة الجهاد وحب الموت عند الشباب تحت رايات طائفية ومنظمات مشبوهة تثير الدهشة والاستغراب! والأمر بحاجة إلى فتح ملفات تراكم عليها الغبار، وتنظيف جراح قد تقيحت! فما زلت أرى أن وضع الإحباط الذي يعيشه الشباب وغياب الهدف من الحياة، فضلا عن حالة الاحتقان التي تغذيها أقلام مسمومة وكتابات ملغومة عبر بعض الصحف الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي التي تبشر بعودة الخلافة وتصر عليها وتحرّض على الحكومة وتشكك بها وتحرش عليها وتسييس الدين، وتعد المنضمين لها بمراكز قيادية وإمارات مزعومة؛ كل تلك الأسباب تعد دوافعا لخروج الشباب للقتال، وهو ما ينبغي تدارسه والاجتماع لأجله لقطع دابر الفكرة الخبيثة ووأد الشر في مهده. لقد أوجعتنا القصص اليومية بخروج شباب غر ونساء مخدوعات وأطفال أبرياء. دعونا نعيش بسلام بعيدا عن أصوات القنابل وطبول الحرب، وأعيدوا الدواعش الصغار المختطفين لحضن أمهم ومقاعد دراستهم. وقريباً إن شاء الله سنراهم ينضمون لطابور الصباح يرددون ببراءة نشيد الوطن وقصيدة الحياة!