×
محافظة المنطقة الشرقية

الموت يغيّب رسام الكاريكاتير المصري مصطفى حسين

صورة الخبر

منذ أسبوعين تُتداول في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع منسوبة لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون من كتابها الأخير (خيارات صعبة) بكثافة، وبدون أدنى مسؤولية. وهي مقاطع أقل ما يقال عنها إنها مشبوهة، ويُراد منها العبث بالرأي العام وتغيير مسار الأحداث الجارية بما يخدم أجندات وجهات غير معروفة كأهداف وكمصدر. وذلك وفق مفاهيم الدعاية بكل أشكالها التضليلية البيضاء والسوداء والرمادية. الكتاب الصادر حديثاً لم يُترجم إلى العربية بعد. ولا يوجد حتى هذه اللحظة أي مبادرة أو إشارة بهذا الاتجاه. إلا أن جهة ما دبرت مجموعة من التقارير فيما يتعلق بالمنطقة العربية وملابسات الربيع العربي، وزعمت أنها مستمدة من الكتاب، ودفعتها في فضاء النت. وسرعان ما انتشرت تلك المواد الإعلامية كاضطرام النار في الهشيم. حيث تم تداولها كحقائق وحُجج عند معظم مرتادي تويتر والفيس بوك. كما تم الاتكاء عليها كأدلة حجاجية دامغة عند كثير من المدونين. والأسوأ والأخطر أن كُتاب المقالات، الذين يفترض أن يكونوا قادة الرأي، وقعوا في الفخ وصاروا يستشهدون بتلك المقاطع الخيالية التي تعاني من الصدقية. خصوصاً أولئك الذين ظهروا كفقاعات إعلامية على إيقاع ما يسمى بالربيع العربي. إذ لم يكلف أحد نفسه عناء وشرف ومهنية العودة إلى النص الحقيقي المتوافر في الكتاب. ولم يلتفت أحد إلى نفي السفارة الأمريكية في بيروت. وهو الأمر الذي يؤكد أن غالبية كُتاب اللحظة لا يبذلون أي جهد يذكر بحثاً عن الحقيقة. وأنهم أقرب إلى ذهنية ومزاج العوام منهم إلى مرتبة المثقف الباحث عن المعرفة، المعتنق للحقيقة. إن التلكؤ في ترجمة كتاب هيلاري كلينتون الهام يؤكد مرة أخرى على كسل المؤسسات الثقافية وعدم اهتمامها بالعمل الجدي. كما يشير إلى سوء تقدير عند العاملين والمهتمين بالشأن السياسي. لأن الكتاب على درجة من الأهمية ويحتوي على حزمة من الرسائل والمعلومات الملّحة، وهو بمثابة تدشين لحملتها الانتخابية. وبالمقابل يؤكد الاستقبال السطحي لما يقال حول الكتاب من قبل تلك المتوالية من كُتاب الإعلام الجديد، أنهم مجرد كذبة معولمة. فهم أشبه ما يكونون بالأوعية الخاوية التي يتم تعبئتها وتفريغها بشكل آلي. الشجاعة الإعلامية والأدبية لا تكمن في إعادة تدوير رسالة جاهزة، ومطالعة كل ما يُنشر من مواد من منطلق استخدامي. بل هي محصلة لعمل دؤوب في مفاصل الرسالة الإعلامية. أي بالبحث في منشأ الرسالة وهدفها ووسيلة إيصالها ومقاصدها والجهة التي دسّتها. وهو أمر يتطلب بالدرجة الأولى العودة إلى المصدر. الذي يمكن الوصول إليه بسهولة. خصوصاً أن معظم المتحمسين للإعلام الجديد يتقنون اللغة الإنجليزية. ولا يحتاجون إلى أي وسيط لمقاربة المصادر وفحصها. لا يتوافر في الكتاب أي إشارة إلى ما تم تداوله من تلك الأنباء اللاعقلانية. ولكنه يتطابق مع وابل من الإشاعات المتداولة. وهنا مكمن الخطة الماكرة التي تم اعتمادها لإضفاء شيء من الصدقية على تلك المقاطع المشبوهة. والقلة من الكُتاب الذين اطلعوا على الكتاب ينفون وجود أي شيء مما ذُكر. وهو ما يعني أن المختبر الذي أدار تلك الموجة من الأقاويل، إنما أراد أن يخلط الحقيقة بشيء من التزوير لتمرير جُملة من الرسائل المتدثرة بلبوسات الوقائع والعقلانية. ولذلك تم إبرازها كمفاجآت مدوية. ومن ذات المنظور تم استقبالها. في ظل هذه اللحظة المعولمة يصعب التصديق بأن أمراً مثل هذا يمكن أن يحدث. حيث ينفتح العالم على اتساعه، وتتوافر المعلومات بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ. وبمقدور معظم الناس الوصول إلى مصادر المعرفة بسرعة وسهولة. وإذا كانت المؤسسات الرسمية والحكومية العربية قد أدارت ظهرها لكل تلك الإشاعات ولم تُعرها أي انتباه لأسباب بيروقراطية معروفة، أو لأنها تعرف الجهة التي دبرتها ولا تريد الاصطدام بها، فما الذي منع كتائب الإعلام الجديد من التصدي لهذه الرسائل، والانسياق وراء أضاليلها. بل الترويج لها!؟