في غرة رمضان من عام 1384 للهجرة الموافق للرابع من يناير عام 1965، انطلقت إذاعة الرياض كأول إذاعة رسمية تنطلق من قلب الجزيرة العربية بعد أن سبقها في هذا المجال ما عرف حينها بإذاعة طامي تلك الإذاعة الأهلية التي لونت سماء الفضاء الإعلامي السعودي لتلك الفترة بأسلوب بسيط افتقد للمؤسساتية. ولدت إذاعة الرياض عملاقة - كما يصفها المؤرخ الصحافي أيمن زاهد – وفي هذا التوصيف ليس ثمة مبالغة لإذاعة رسمية تمثل بلداً ناهضاً يقع في موقع القلب من العالم الإسلامي، فكان أن صارت إذاعة الرياض بعد وقت قصير من انطلاقتها تسابق الزمن للوصول لأن تكون الإذاعة الأولى للمملكة بعد أن سبقتها إذاعة جدة في غرب البلاد للانطلاق في سماء الأثير وقبل ذلك كان البث الإذاعي من مكة المكرمة قد سبق الجميع كأول مشهد إذاعي يصدر عن بلاد الحرمين، غير أن إذاعة العاصمة لم تلبث حتى صارت مرجعاً لإذاعات دولية تستشهد بما قاله راديو الرياض. راديو الرياض الذي شهد اشتراك الدمام معه في أوائل عهده حين كان يقال إذاعة المملكة العربية السعودية من الرياض والدمام قبل أن يعود من الرياض فقط ليكون الإذاعة الرسمية للمملكة مع بدايات السبعينيات من القرن الماضي رغم كون الإذاعة كانت تحظى بأكبر قدر من الكوادر الإعلامية العربية غير السعودية من مصر ولبنان وسورية مثل خالد بو تاري وزكريا المصري ونزار شرابي وميسر سهيل وعلي غرايبة وصالح مهران، إلا أن الكوادر السعودية كانت علامة فارقة في مشهد الإذاعة الناهضة آنذاك، ومن أبرزهم الشاب القادم من عنيزة عبد الرحمن الشبيلي. الشبيلي المولود في القصيم عام 1944 الذي أتقن الإنجليزية والفرنسية، كان أكثر من ساهم في تأسيس إذاعة الرياض بالإضافة لتلفزيون الرياض، وهو أول سعودي يحصل على شهادة الدكتوراة في الإعلام عام 1971 وهو العام الذي تخطت فيه الرياض بإذاعتها حدود المحلية لتصل إلى الإقليمية وتكون مرجعاً لأخبار المملكة، وهنا كان الشبيلي بمعية الزملاء يرسمون الخطوط العريضة والتفاصيل الدقيقة لشخصية الإذاعة التي ارتبطت في أذهان الناس بالرصانة وباللغة العربية السليمة والمبسطة في آن إلا أن الدكتور عبد الرحمن الشبيلي أراد لها أن تكون إذاعة أكثر تنوعاً وقرباً من هموم الناس ليقوم وزملاؤه ببرامج منوعة كان لها في الذاكرة الشعبية السعودية المكان الراسخ. بصمات الشبيلي في المشهد الإعلامي السعودي تبدو واضحة بصورة أكبر في منهج إذاعة الرياض منذ نصف قرن حيث الإذاعة التي تميل إلى الرصانة واحترام أذواق المستمعين.