صحيفة المرصد: منذ أقل من شهرين أوضح أية الله على خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، موقفه مما يجري بالعراق. وقال خامنئي وقتها "إيران كانت ضد التدخل الأمريكي، والعالم يجب أن يحترم نتائج انتخابات أبريل/ نيسان وفوز تحالف رئيس الوزراء نوري المالكي." لكن الأحداث تجاوزت خامنئي. وشنت الولايات المتحدة هجمات جوية ضد مسلحي الدولة الإسلامية (داعش سابقا) شمالي العراق، الأسبوع الماضي، وفي بغداد فشل المالكي في العودة إلى رئاسة الحكومة مرة أخرى. وعلى الرغم من أن كل ما جرى كان ضد رغبة إيران، إلا أن المسؤولين في طهران التزموا الصمت تقريبا. وقال غسان العطية، رئيس المؤسسة العراقية للتنمية والديمقراطية "صمت الإيرانيين يعني رضاهم عما يجري في العراق." وأوضح أن حيدر العبادي، رئيس الوزراء الجديد، يتمتع بعلاقات قوية مع إيران، لهذا السبب لم يحاول الإيرانيون الاعتراض على ترشيحه للمنصب. وأضاف "إنهم (الإيرانيون) لم يرحبوا بالمالكي في البداية، لكنهم قبلوا به لأن الكتلة الشيعية دعمته في البرلمان." "لكن عندما بدأ يفقد الأكراد والسنة ويبعدهم، فإن إيران لم تحب هذا." تغير اللهجة وفاجأت إيران أيضا كل من توقع أنها ستعلن عن إدانة غاضبة للضربات الجوية الأمريكية على مواقع الدولة الإسلامية شمالي العراق. في الحقيقة، كان هناك تغيرا لافتا في لهجتها، عندما قال مستشارا لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الاثنين الماضي، إن إيران والولايات المتحدة يجب أن يعملا معا لمواجهة الدولة الإسلامية في العراق. ويرى المراقبون أن وجود المسلحين على بعد 25 كيلومتر فقط من الحدود الغربية الإيرانية، ربما أثر في تفكير طهران. وأصبح من الواضح أن التهديد الذي تمثله الدولة الإسلامية عاملا آخر وراء قرار طهران بعد معارضة اختيار العبادي كرئيس وزراء جديد بالعراق. وعلى عكس الرئيس أوباما، لم يهنيء حسن روحاني، الرئيس الإيراني، العبادي حتى الآن. لكن روحاني قال، في مكالمة هاتفية لتهنئة رجب طيب أردوغان، الرئيس المنتخب حديثا في تركيا، الاثنين "يجب تشكيل حكومة في العراق في أسرع وقت ممكن، وإيران تدعم من اختارته أغلبية صانعي القرار في العراق." وتمثل هذه أول إشارة واضحة حول عدم نية إيران الوقوف بقوة خلف المالكي مثلما تفعل مع ربيبها الآخر بالمنطقة، الرئيس السوري بشار الأسد. الوقت ينفد وحمل الثلاثاء الماضي أخبارا أخرى سيئة للمالكي، عندما أعلن علي شمخاني، سكرتير مجلس الأمن القومي الأعلي في إيران، دعم التحرك في بغداد لاختيار رئيس وزراء جديد. ودعا شمخاني كل الجماعات والائتلافات العراقية الحفاظ على وحدتها والعمل معا لحماية الوحدة الوطنية، وهذه الدعوة بمثابة رسالة مشفرة للمالكي بأن وقته قد نفد. وانتهجت صحيفة جافان المتشددة، التابعة للحرس الثوري الإيراني، نفس اللهجة أيضا. ودعت المالكي في مقالتها الافتتاحية للامتثال بنكران ذات لقرار الرئيس العراقي. وجاء المسمار الأخير في النعش من أية الله خامنئي، أمس الأربعاء، إذ أعلن دعمه اختيار العبادي. وقال خامنئي، في كلمه لمسؤولي وزارة الخارجية ودبلوماسيين :"آمل في أن تعيين رئيس وزراء جديد بالعراق سينهي الأزمة، ويقود لتشكيل حكومة جديدة ويلقن هؤلاء الذين يريدون الفتنة في العراق درسا جيدا." لكن "المالكي لا يريد الرحيل"، وفقا لتعليق الإيراني الأصل محسن ميلاني، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في واشنطن. وقال "لكن إذا ما دعمت إيران والولايات المتحدة الحكومة الجديدة يجب أن يرحل." ووصف المالكي اختيار العبادي بأنه كان "خرقا للدستور"، لكن المهم بالنسبة لإيران في الوقت الحالي رؤية كتلة شيعية موحدة في العراق وتشكيل حكومة جديدة بدون المزيد من التأخير. وإذا لم يستطع المالكي تحقيق أيا من هذه الأشياء، إذا فإنه وفقا لحجم القلق الذي تشعر به إيران، قد نفد وقته. BBC