عندما قام التلفزيون السعودي بتنفيذ جلسات "الدانة" الغنائية كان الأمل كبيراً في أن تظهر هذه الجلسات بشكل احترافي متقن عطفاً على الإمكانات المادية التي سخرت لإنتاجها. لكن النتيجة جاءت مخيبة للأسف الشديد إخراجاً وتنفيذاً وصورة وصوتاً وحتى اختياراً لبعض الفنانين المشاركين. القائمون على التلفزيون -قبل غيرهم- لم يتوقعوا هذه النتيجة من البرنامج، فالقيمة المادية التي رصدت له والوقت الكبير الذي منح لفريق الإنتاج كانا ينبئان عن عمل استثنائي سيعيد الوهج للتلفزيون السعودي وسينافس بقية الجلسات الغنائية التي تنتجها تلفزيونات الخليج. عبدالله رشاد الذي قدم الجلسات بعد تواريه عن الساحة الفنية قال أثناء التصوير: "إن جلسات "الدانة" سيكون لها نكهة خاصة جدًا تختلف عن كل الجلسات التي تقدمها التلفزيونات الأخرى"، في إشارة لجلسات "وناسة" وجلسات قطر والكويت والإمارات، لكن مع مرور عدة حلقات من الجلسات نتساءل: أين هي هذه النكهة التي يقول عنها؟!. ومع كل هذا فإن النكهة التي يقصدها رشاد جاءت عكسية ولم تستطع الجلسات منافسة القنوات الأخرى بل حتى لم تستطع منافسة ما كان يقدمه التلفزيون السعودي نفسه قبل سنوات بعيدة من جلسات مميزة نفذها فنانون مميزون مثل الراحل طلال مداح والذي قدم حلقات استثنائية مازالت ذاكرة المشاهد تعود إليها، وأيضاً الراحل سلامة العبدالله الذي تم تعميده حينها لتنفيذ جلسات غنائية فجلب المطربين والممثلين ومقلدي الأصوات ليضمن وجود المتعة والفائدة للمشاهد. هذه البرامج القديمة كانت جزءاً مهماً من تاريخ التلفزيون السعودي، وظهر بفضلها المطرب عبدالرحمن النخيلان ورابح صقر وسعد جمعة ومحمد عمر وغيرهم من الأصوات الناشئة. جلسات الدانة لم تقدم قيمة فنية أو جمالية شبيهة بما كان يقدمه الرواد، وكان تنفيذها يتم بارتجال ودون هدف سوى جمع أكبر عدد ممكن من الفنانين وإعادة النجوم إلى الشاشة السعودية بعد غياب طويل. لكن ماذا تفيد عودة هؤلاء إذا كانت ستكون عبر إمكانات إخراجية متواضعة. يحسب للتلفزيون حرصه على إعادة الجلسات الغنائية ضمن هيكلته البرامجية بعد سنوات من تحجيم دور الفن. ما نتمناه أن يكون تنفيذ هذه الجلسات بشكل أفضل يوازي حجم ومكانة التلفزيون السعودي ويليق بقيمة الأغنية السعودية وذلك بالاهتمام بالجانب التقني وأيضاً باختيار الفنانين الذين يضيفون قيمة فنية للمشاهد لا أولئك المستهلكين الذين لا يعبأ بهم الجمهور ولا التاريخ.