×
محافظة المنطقة الشرقية

الهلالي يقود لقاء العين والاتحاد آسيويًا

صورة الخبر

في أثناء قراءتي لكتاب: "تجويد الشعر العربي الحديث: بحث في المحاقلة بين تجويد القرآن الكريم والنقد الأدبي"، للدكتور محمد الصفراني، بدأت أبحث عن شواهد واضحة تعزز نظريته، أو تنقضها، فوجدت أن من الشعراء المعاصرين من يصرح بحرصه على التجويد تصريحا، ومنهم الشاعرة فاطمة القرني التي عللت ذلك باهتمامها بالقارئ "العادي"، إذ تقول في المقدمة الموحدة على ثلاثة من دواوينها: "يقف السبب نفسه "الاهتمام بالقارئ العادي" وراء إصراري على ما أستطيب تسميته: الكتابة المسموعة. أي كتابة النص الشعري تماما كما يتمنى مُبدِعُهُ أن يُقرأ، بتطابق يوافق صورة انبعاثه ميلادا في خاطره، وهي آلية مُتبَعة، لا أنفرد بها عن كثير من الشعراء". ومثل هذا الحرص يعيدنا إلى شفاهية القصيدة العربية، فالشاعر الحديث يهتم بالتشكيل البصري لقصيدته، فيكتبها بطريقة تسهم في رسم الصورة، أو تفرض على القارئ طريقة معينة في أداء صوت، أو لفظة، أو جملة، مما يمكن أن يكون جزءا من الموسيقا الداخلية، وهو دليل على أن القصيدة العربية الحديثة باقية على سماتها الشفاهية، برغم كونها مكتوبة؛ وبرغم كون تلك السمات الصوتية الجديدة، لا تتبدى إلا أمام متلق قارئ، لا أمام متلق سامع، إلا أنه لا يمكن إخراجها من أسباب الموسيقا الداخلية، فهي ذات علاقة بالتشكيل البصري من جانب، وداخلة في الأداء الصوتي من جانب آخر، وذلك ما جعل الباحثين يدرسون هذه السمة البصرية دراسة صوتية، منطلقين من أن أنواعا من التشكيل البصري للقصيدة المكتوبة، تمثل صفة صوتية مناظرة لصفات الأداء الصوتي الشفهي، وذلك ـ كما يقول الدكتور الصفراني ـ حين "يجسد الشاعر سمة من سمات الأداء الشفهي الحركية عند كتابة نصه الشعري على الورق"، سواء أكان ذلك بتقطيع حروف الكلمات، أم بتكرارها، وكأن الشاعر يوجه القارئ إلى مدها بحسب مرات التكرار، فيما يشبه المد في علم تجويد القرآن الكريم. المشكلة في هذه النظرية ـ إن صح أن نصفها بأنها نظرية ـ أنه يصعب التفريق بين: ما يكون هدفه صوتيا خالصا، وما يكون هدفه الإسهام في رسم الصورة، وما يكون تقليدا مجردا، لا يضيف إلى الموسيقا، أو الصورة، أو المعنى، فليست نتيجة كل تشكيل بصري صوتية، وليس كل تشكيل بصري مفضيا إلى هدف. أتصور أن أيسر السبل للتفريق بين الشعر المجود بالتشكيل البصري، ما لم يؤد التشكيل البصري فيه إلى نتيجة صوتية، هو الاحتكام إلى النص، ذلك يحتاج إلى النظر في نصوص غير تلك التي اعتمد عليها الدكتور الصفراني، وهو ما لم تسمح به مساحة هذا المقال، لينتظر الأسبوع القادم.