الوطن؛ الكلمة التي تعطر القلب، وتُرقص الدم في العروق، لم تكن داخل مصفاة المفاهيم في ذهن السعوديين كما هي اليوم. إنها تصفو وتصفو كل ساعة. لقد عانت، عندنا، من التباس خطير، إما، بوطن ديني يقدم الأمة الإسلامية على الوطن، أو هاجس قومي يقدم الأمة العربية على الوطن. لم يكن خيار الوطن مطروحا ضمن ما هو مطروح. الخطب والمناهج والأدبيات السياسية تخدم الوحدة والأمة أكثر مما تخدم الوطن. حتى قبل سنوات لم نكن نحتفل باليوم الوطني!. شيء كأنه أضغاث أحلام يحدث أمامنا منذ 3 سنوات، تابع السعودي منها بداياتها من تونس، وانفرطت السبحة بسرعة أكبر من سرعة انتباه أي عربي، حتى ظهور ما يسمى دولة الخلافة عند الباب السعودي الشمالي. دولة الخلافة ليست ثورة كأي ثورة عربية، بل هي ثورة على كل الثورات، وعلى كل البلاد المستقرة وغير المستقرة. كثيرون منا أفاقوا من سكرات النعيم وأحلام الكذب، وأدركوا أن التهديد ليس للإسلام والأمة الإسلامية فقط، وإنما التهديد على شيء اسمه الوطن. أحد أهم أسباب التخلف العربي الإسلامي، وأحد أسباب ما نراه من عبث في البلاد العربية هو الأكاذيب الكبرى، الوحدة العربية، والوحدة الإسلامية. ما كانت هناك وحدة عربية ولا وحدة إسلامية، ولن تكون، ما دامت مبنية على خيالات الرؤوس وعواطف القلوب وليس على مصالح اقتصادية، ولن توجد مصالح اقتصادية إلا إذا عمل كل بلد على نفسه ومصالحه، وركل حلم الوحدة إلى الهاوية. هل يسمح لنا أي بلد عربي أو مسلم أن نقتطع جزءا منه باسم أخوة الدين أو العرق؟، هل يمكن أن يسمح سعودي أن يقتطع شقيقه العربي المسلم ذرة تراب من السعودية؟ كلا. سنقاتل ويقاتلون حتى قيام الساعة لكن أكثر الناس يجهلون. "الوطن" كلمة تزداد وضوحا كل يوم، وكل ذهن سعودي تبقى كلمة "الوطن" فيه ملتبسة بغيرها فهو خطر علينا جميعا. قبل أيام قال أحد الأصدقاء: "لو لزم الأمر سنقاتل داعش وأمثالها وننتصر، لكن داعش أخطر من غيرها على جبهتنا الداخلية". كم هو صادق! لكن هذا موضوع آخر.