ارتفعت سوق الأسهم السعودية بنسبة 8.7 في المائة ونحو 850 نقطة خلال عشر جلسات لتغلق أمس عند مستوى 10597 نقطة، وذلك منذ الإعلان عن نية السعودية فتح السوق لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة خلال النصف الأول من عام 2015م، بمتوسط قيم تداول تسعة مليارات ريال هو أعلى من المتوسط اليومي خلال النصف الأول من العام والبالغ 8.7 مليار ريال. ووفقا لتحليل وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فمن المتوقع أن يمنع دخول المستثمرين الأجانب بشركات الاستثمار العقاري في الأماكن المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة) ومن أهمها شركتا مكة وجبل عمر، كما أنه من المتوقع أن تتضمن قواعد فتح السوق أمام الأجانب تحديد نسبة تملك محددة في الشركات المساهمة قد لا تتجاوز 25 في المائة لمنع سيطرة الأموال الأجنبية على الشركات أو سوق الأسهم. وفي حال تم إقرار ذلك ستكون السوق السعودية أكثر تحفظا في فتحها أمام الاستثمار الأجنبي المباشر عن نظيراتها العربية والخليجية، حيث يسمح قانون الشركات الإماراتي للأجانب بتملك ما نسبته 49 في المائة من رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة. كما أصدر أمير قطر أخيرا قانونا يسمح بموجبه للأجانب بتملك حتى نسبة 49 في المائة، من الشركات القطرية المدرجة في البورصة، ويسمح القانون الذي تم الإعلان عنه بنهاية أيار (مايو)، أيضا للأجانب بتملك حصة أكبر، وذلك في حالات خاصة وبعد الحصول على موافقة مجلس الوزراء. كذلك قانون الاستثمار الأجنبي في مصر لا يمنع من تملك الأجانب لأي حصص حتى ولو بلغت 100 في المائة من الشركة المساهمة. ويؤيد التحليل، الذي يتوقع تحفظ السعودية في نسبة تملك الأجانب في الشركات المساهمة، عاملان رئيسان، الأول أن السعودية عندما قررت السماح للأجانب في 2008م، تم ذلك بتحفظ من خلال اتفاقيات المبادلة أي استثمار غير مباشر من خلال وسيط وظل الوسيط المحلي هو المالك دون المستثمر الأجنبي. أما العامل الثاني فهو أن تجارب الدول الخليجية انتهجت سياسة التدرج في نسب تملك الأجانب بالشركات المساهمة، حيث كانت 25 في المائة في قطر مثلا قبل رفعها إلى 49 في المائة. ووفقا للتحليل، فإن فتح السوق أمام المؤسسات المالية الأجنبية وليس الأفراد يعد قرارا صائبا لسببين رئيسين، الأول كونه سيحمي سوق الأسهم مما يسمى بـ"الأموال الساخنة". و"الأموال الساخنة" هي تلك الأموال التي يضخها الأجانب من الأفراد ويتم سحبها بشكل سريع بشكل مضاربي متى حدثت أي أزمة أو هزة في الدولة أو سوق المال التي يستثمرون بها. أما السبب الثاني، أن فتح السوق أمام المؤسسات المالية الأجنبية فقط دون الأفراد يعني أن الأموال التي سيتم ضخها في السوق ستكون أموالا استثمارية وليست مضاربية بالتالي ستزيد عمق السوق وتخفض من مستويات التذبذب به، مما يزيده نضجا مع الوقت ويمنع حدوث انهيارات أو قفزات دون مبررات مالية قوية. ويتوقع التحليل أن سوق الأسهم السعودية ستسحب جزءا من السيولة الموجهة لأسواق المنطقة وذلك نتيجة لعاملين رئيسيين، العامل الأول هو تنوع وقوة القطاعات التي يضمها سوق الأسهم، حيث يشمل 15 قطاعا في أنشطة مختلفة على رأسها المصارف والبتروكيماويات والأغذية والتجزئة والاتصالات وغيرها من القطاعات. والعامل الثاني، قوة الاقتصاد السعودي ومؤشراته من حيث التصنيف الائتماني والأصول الاحتياطية واستدامة النمو الاقتصادي عاما تلو الآخر، كما أن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، إضافة إلى الاستقرار السياسي في الدولة. تجدر الإشارة إلى أن الأصول الاحتياطية السعودية بلغت 2.77 تريليون ريال بنهاية حزيران (يونيو) الماضي. وكان الاقتصاد السعودي (الناتج المحلي الإجمالي السعودي الحقيقي) نما في 2013م بنسبة 3.8 في المائة، وبلغت قيمة النمو 46 مليار ريال، ليصل إلى 1.264 تريليون ريال، مقارنة بـ 1.218 تريليون ريال في 2012م. وتشير توقعاته محلية ودولية بنموه بنسبة تتراوح بين 4 و5 في المائة في العام الجاري. كما أن الميزانية السعودية تعد ضخمة للغاية، حيث تم تقديرها بنحو 855 مليار ريال كإيرادات العام الجاري، إلا أنه من المتوقع تحقيق إيرادات أعلى من ذلك كعادتها سنويا، لتحقق السعودية فائضا هذا العام بعد أن حققت في 2013م فائضا قيمته 206 مليارات ريال، والذي كان الفائض العاشر في ميزانيات السعودية في آخر 30 عاما منذ 1983م. على الجانب الآخر، يمكن أن يحمي أسواق الإمارات وقطر من سحب جزء كبير من السيولة هو انضمامها مؤخرا لمؤشر MSCI للأسواق الناشئة مما أعطاها قوة أكبر. ويتوقع التحليل أن يسري قانون الاستثمار الأجنبي في السعودية على الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم، حيث إن هناك قطاعات مستثناة من الاستثمار الأجنبي تشمل أنشطة معينة في قطاع الصناعة، والاستثمار العقاري، وتتعلق الأنشطة المستثناة من "الصناعة" استكشاف المواد البترولية والتنقيب عنها وإنتاجها، وتصنيع المعدات والأجهزة والملابس العسكرية، وتصنيع المتفجرات المدنية، وهذه الأنشطة لا توجد شركات تعمل بها مدرجة في سوق الأسهم. أما المستثنى من الاستثمار العقاري وفقا لقانون الاستثمار الأجنبي في السعودية، فهو الاستثمار العقاري في مكة المكرمة والمدينة المنورة كونهما في أماكن مقدسة، وهذا الاستثناء سيمس شركات في سوق الأسهم على رأسها مكة للإنشاء والتعمير، وشركة جبل عمر للتطوير في حال تطبيقه من قبل هيئة السوق المالية كإحدى قواعد الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم. ووفقا للتحليل، سيركز الاستثمار الأجنبي المباشر في سوق الأسهم على الشركات والقطاعات القيادية ذات العائد الاستثماري المرتفع كالقطاع المصرفي، والبتروكيماويات، والتجزئة، والاتصالات، والأغذية، والإسمنت، وأن يأتي ذلك مقابل عدم الاهتمام بالشركات المضاربية مثل قطاع التأمين. وأكد ذلك تحركات القطاعات في السوق منذ الإعلان عن القرار، حيث قاد ارتفاعات السوق القطاع المصرفي والبتروكيماويات، فيما لم يأخذ قطاع التأمين حظا من الاهتمام كما كان في السابق. يشار إلى أن مجلس الوزراء السعودي قد وافق في 22 تموز (يوليو) الماضي، على قيام هيئة السوق المالية وفقا للتوقيت الملائم الذي تراه بفتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية لشراء وبيع الأسهم المدرجة في السوق المالية السعودية. ووفقا للإعلان حينها، فبعد استكمال الإجراءات النظامية ستعمل الهيئة على نشر مشروع (القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة) من أجل استطلاع آراء ومقترحات عموم المستثمرين والمهتمين بتلك القواعد خلال الشهر الجاري ولمدة 90 يوما. وبعد ورود المقترحات والآراء بشأن تلك القواعد ستقوم الهيئة بمراجعتها في نهاية العام الحالي، والتحقق من جاهزية شركة السوق المالية السعودية (تداول) إلى جانب التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وذلك قبل اعتماد تلك القواعد والعمل بها. وبناء عليه سيتم فتح السوق لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة خلال النصف الأول من عام 2015م. وفي خطوة تمهيدية لفتح السوق أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، كانت هيئة السوق المالية قد أعلنت في 20 أغسطس 2008، عن إمكانات إبرام عمليات اتفاقيات مبادلة (Swap Agreements)، الذي يسمح للأشخاص المرخص لهم بإبرام اتفاقيات مبادلة مع أجانب غير مقيمين، سواء كانوا مؤسسات مالية أم أفرادا لأسهم الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) لأولئك الأشخاص مع احتفاظ الأشخاص المرخص لهم بالملكية القانونية للأسهم. و"اتفاقية المبادلة" هي نوع من المشتقات المالية يتفق من خلالها طرفان على تبادل التدفق النقدي لأصول محددة (أسهم شركات) خلال فترة زمنية متفق عليها ويمكن أن تستند على أداء مؤشرات الأسهم، أو السندات، أو معدلات فوائد، أو أوراق مالية أخرى. وسجل الأجانب أعلى صافي شراء لهم من خلال اتفاقيات المبادلة بالسوق السعودي ومنذ الإعلان عن فتح السوق أمامهم لاتفاقيات المبادلة في آذار (مارس) 2009. وبلغ صافي مشتريات الأجانب بالسوق السعودية خلال تموز (يوليو) 2014، وعبر اتفاقيات المبادلة 1.88 مليار ريال، بعد بلغت مشترياتهم 3.53 مليار ريال فيما كانت مبيعاتهم 1.65 مليار ريال. وحدة التقارير الاقتصادية