لست عالما متخصصا بالتاريخ، لكن أتمنى ألا يغضب علي أحد، نظير ما سأسرده من أسطر عن فلسطين الغالية، وما تعانيه من ظلم المحتل وتقتيله. هل فكرنا في يوم من الأيام أن ما نقوم به هو الخطأ بعينه تجاه الباغي المعتدي؟! هل راجعنا تاريخ ثورتنا وقرأناه بتمعن لندرك أين الخطأ في مقاومة الاحتلال وما هو السبيل الذي كان من الواجب أن نتبعه؟ التاريخ يشرع أبوابه أمامنا ليقول لنا، هكذا فعل الجزائريون والهنود وغيرهم الكثير، بهذا السلاح طردوا المحتل الأقوى عدة وعتادا، المحتل الذي بإمكان سلاحه أن يحرق الأرض ويبيد البشر، لكنهم طردوه خائبا ذليلا، ليوقع المعاهدات التي تنهي الاحتلال، ورحل يجر أذيال الخيبة والعار. نعم أنتم لم تقرؤوا التاريخ جيدا ولو فعلتم بتمعن، لأدركتم أنكم تحتاجون لأهم قوة وهي الوحدة الوطنية بين جميع الفلسطينيين، التي تفتقدونها كلية ولم تعرفوها من بدء الاحتلال وحتى الآن. ألم يقل لكم التاريخ إن غاندي أدرك هذا المبدأ فكان التآخي يجمع المختلفين دينا ولغة فاتحد الهندوسي والمسلم والسيخي، وكان سلاحهم رفض المحتل والتعاون معه، قاوموه بهذا المبدأ بدون بندقية أو مدفع، فكان لهم ما أرادوا، ولا يعنينا انقسامهم بعد طرد المحتل، لكن في وجوده كان هذا سلاحهم الفتاك. أما أنتم أيها الفلسطينيون فانقسمتم شر انقسام وحتى بعد امتلاك جزء من الأرض كان هناك انقسام وكان هناك دولتان، واحدة في رام الله والأخرى في غزة، وبينهما فصائل أخرى مختلفة ولا ننكر خيبتكم هذه، فقد كنتم قبلها تقاومون المحتل بنحو أحد عشر توجها سياسيا كل منها يرفض الآخر ويعاديه، وتتقاتل فيما بينها، هل نذكركم بأسمائها، فلنفعل: فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الديمقراطية، وجبهة النضال الشعبية، وجبهة التحرير الفلسطينية، والحزب الشيوعي الثوري، وطلائع حرب التحرير الشعبية، والصاعقة، كل منها ذو توجه أيديولوجي مختلف، بل ويتبع لدولة مختلفة بين سورية والعراق وليبيا وهلم جرا. أتريدون ما هو أشد ألما نحو مزيد من الانقسام؟ اقرؤوا ما صرح به حسين أبوشنب عضو المجلس الوطني الفلسطيني قبل الذهاب للقاهرة للتباحث حول وقف إطلاق النار مع إسرائيل، يقول: "الوفد يضم جميع الفصائل والقوى الفلسطينية مع فتح وحماس" أي ذهبوا بجهات مختلفة وتوجهات متباينة لأن كل منهم يرى لنفسه الحق بالتفاوض"! أعلم أنه سيقال، بم يهذي هذا الكاتب؟ لكنها الحقيقة المرة التي أعيتنا وكانت السبب بحال الذل الذي تعيشه فلسطين، وما يحدث لأهلها من تقتيل وتهجير، بين الحين والآخر، لكن لنتأمل الحال، فالعدو يزداد قوة والفلسطينيون يزدادون انقساما. أيها الفلسطينيون الأعزاء، لقد جربتمونا - نحن العرب - طوال نحو سبعة عقود فما كانت النتيجة، لقد زدناكم خيبة، على خيبتكم، والسبب أن فينا خيبة، لكن لديكم ما هو أشد وأنكى من هذه الخيبة، وهو الانقسام والتناحر فيما بينكم وهو ما جعل أمد احتلالكم يطول، وأنتم فيه مهددون باستمرار، بل وتفاوضون على أقل التافه، وفي ظل الانقسام كأني بكم تريدون أن يستمر الأمر، منكم القتلى والمضطهدين، ومنّا العرب النحيب والعويل، ولا تغضبوا، فلا نملك غيرهما؟