تعمل الهيئة العامة للسياحة والآثار حالياً، على ترميم وتأهيل قصر عروة في المدينة المنورة، بهدف الارتقاء به وتوظيفه اقتصادياً وسياحياً وثقافياً، ليصبح أحد المعالم البارزة في المنطقة. وأوضح مدير عام فرع الهيئة أمين عام مجلس التنمية السياحية بالمنطقة الدكتور يوسف المزيني أن الهيئة أنهت عمليات التوثيق المساحي والمعماري لموقع قصر عروة، واستكملت جميع المخططات لتأهيله وتوظيفه بما يتواءم مع عناصره المعمارية وهويته التاريخية . وقال المزيني إن إعادة تأهيل قصر عروة التي تنفذها الهيئة حالياً, تشمل أعمال الترميم الإنقاذي وأعمال التدعيم والفك والإزالة وترميم الأساسات ومعالجة التربة وترميم الجدران الحجرية والطينية، ترميم الأعمدة والأقواس الحجرية والأسقف الخشبية، ومعالجة التشققات وأعمال اللياسة بأنواعها وأعمال العزل، وترميم الأبواب والنوافذ الخشبية، والأعمال الكهربائية والميكانيكية. وفيما يخص النظرة المستقبلية فإن المشروع يهدف إلى إحياء التراث العمراني، وترسيخ القيم التاريخية, والحفاظ على الموروث للأجيال القادمة من خلال الاهتمام بالموروث، وتوعية المجتمع بالتدريب والتأهيل، وإحياء الأعمال الحرفية التراثية القديمة، والتعرف على ما كان سائداً من معتقدات وأوضاع اجتماعية واقتصادية وبيئية. ويعد قصر عروة بن الزبير أشهر القصور التي قامت على ضفاف وادي العقيق, ويقع غرب المدينة المنورة على امتداد الطريق المؤدّي إلى مسجد ذي الحليفة (ميقات أهل المدينة) على طريق جدة ومكة القديم من طريق آبار علي، ويبعد عن المسجد النبوي حوالي 3 كلم ونصف تقريباً. وكان فريق تنقيب من قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة، اكتشف أثناء عمله بموقع قصور التابعي عروة بن الزبير بوادي العقيق, قصراً يعود إلى القرن الأول الهجري، وتبلغ مساحته (40م × 30م) تقريباً. وكشفت أعمال التنقيب أن القصر يحتوي على فناء ثالث وعدد من الغرف ومطبخ، وأن الوحدات المعمارية المكتشفة تدل على أن المبنى يمثل قصراً مدرج الشكل، وأقيم على تلة مرتفعة تطل على ضفة وادي العقيق، وبنيت جدرانه وأساساته بالحجارة المقطوعة من الجبال والمنتشرة في الموقع وتلك التي جلبت من الأماكن المجاورة للمدينة المنورة. وتقع بوابة القصر في الجهة الجنوبية، وتتوزع وحداته المعمارية حول أفنيته الثلاثة الداخلية, فيما تمثلت أهم المواد الأثرية المكتشفة في الفخار والزجاج والأدوات الحجرية وأواني الحجر الصابوني، وخزف ذي بريق معدني يمثل تطوراً في صناعة الخزف الإسلامي خلال القرنين الأول والثاني الهجريين. كما تم العثور على كميات من كسر الأواني الزجاجية وأدوات معدنية قد تكون استخدمت لأغراض الزينة، في حين تدل الكتابات والآثار القائمة في الموقع على وجود استيطان بشري موغل في القدم، حيث بقايا قصور ترجع للعصرين الأموي والعباسي والتي من أشهرها قصر عروة بن الزبير، وقصر سعيد بن العاص، وقصر مروان بن الحكم، وقصر سعد بن أبي وقاص، وقصر سكينة بنت الحسين. وقد غطت القصور ضفاف وادي العقيق، وشيدت تلك القصور على أرض واسعة، وكان لكل قصر مزرعة عامرة بالأشجار. ويقف قصر عروة شاهدًا على تاريخ وماضٍ عريق ويعدّ سد عروة منذ القدم وحتى يومنا هذا من أشهر سدود المدينة المنورة، وتصف المصادر التاريخية مياهه ومياه الآبار فيه بالعذوبة, ويُعدُّ بئر عروة من أشهر آباره، وهو داخل حرم المدينة.