بعد ثلاث سنوات من الغياب، عاد الرئيس سعد الحريري إلى لبنان ليعود معه الأمل بغد أفضل سياسيا واقتصاديا وأمنيا، إلى بلد انهكته الصراعات والتجاذبات والمغامرات الداخلية والإقليمية. عودة الحريري إلى بيروت، ترجمت تفاؤلا اقتصاديا فتحسنت البورصة اللبنانية، وحركة اقتصادية سجلتها شوارع بيروت وباقي المناطق، إنها الصدمة الإيجابية التي يتلقفها أي مجتمع متعب وقلق. عودة طرحت أسئلة كثيرة عما يحمله الرئيس الحريري في جعبته على صعيد ملف الانتخابات الرئاسية أو على صعيد الإرهاب وما يشكله من تهديد على لبنان أو على صعيد تورط حزب الله في سوريا الذي ورط كل لبنان معه. كلام كثير يقال عن تسوية جاهزة أتت بالحريري إلى بيروت، تسوية لا تشمل الشأن الداخلي وحسب بل تبدأ من الغارة الأمريكية على مرابض مدفعية داعش في الموصل وتنتهي بانسحاب المسلحين من مدينة عرسال اللبنانية وعودة الجيش اللبناني إلى مواقعه فيها. الرئيس الحريري كان واضحا في الجمل القليلة التي صرح بها فقال: «لم أعد من أجل الانتخابات الرئاسية فهذا الأمر لا يمكن لي وحدي القيام به، وعلى كل الأفرقاء المساهمة في انتخاب رئيس للجمهورية لأن الفراغ عدو للبنان». ويقول الرئيس الحريري أيضا: «كلنا ضد الإرهاب ومطالبون بمحاربته». تحدي الرئيس سعد الحريري لكل المخاطر الأمنية المحيطة بوجوده في بيروت، يشكل خطوة شجاعة وجيدة وبناءة كما قال النائب وليد جنبلاط، لكن خطوة واحدة من طرف واحد هل تكفي؟! تساؤل قد يبين ما يحمل الحريري في جعبته. فالكرة الآن عند الطرف الآخر وتحديدا عند حزب الله وحلفائه، حيث إنهم مطالبون ودون تردد بالتعاطي الإيجابي مع هذه العودة والبناء عليها للعبور بلبنان من محور القلق والخوف والإرهاب إلى محور الاستقرار والأمن والسلام. حزب الله وحلفاؤه مطالبون بالارتقاء إلى مستوى التحديات التي يواجهها لبنان، تحديات كبيرة تستوجب مواقف كبيرة وهذه المواقف قد ترسم مستقبل الأيام المقبلة. إعلام حزب الله، وصف عودة الرئيس الحريري «بالزيارة»؟! بداية إعلامية غير موفقة لكن كما قال الوزير محمد المشنوق: «علينا انتظار حزب الله ريثما يهضم هذه المفاجأة السارة». الثلاثاء جلسة انتخاب جديدة لرئاسة الجمهورية، وفيها الجميع مطالب بتحمل مسؤولياته، نعم الجميع دون استثناء.