×
محافظة المدينة المنورة

الفاصل المداري وراء أمطار المرتفعات الجنوبية

صورة الخبر

•• للصحفيين الكثير من الطرائف، ومن المواقف المحرجة، ومن تلك المواقف أذكر أن في عام مضى بعيداً الآن كنا مجموعة من الصحفيين في زيارة لبلد عربي شقيق بدعوة من وزارة السياحة في ذلك البلد من شمال افريقيا، وكان أحد الزملاء من صحيفة في المنطقة الغربية دائماً كنا نراه منعزلاً عن بقية الزملاء. فهو يتحرك في هدوء، ويتسلل من الفندق في غفلة عن الزملاء، وذات يوم سألت أحد الزملاء عن زميلنا هذا ماهي طبيعة تحركاته كونه دائم العزلة والتفرد فقال لي ذلك الزميل همساً: إن لديه تعليمات من رئيس تحريره أن يحصل على حديث خاص لوزير خارجية هذا البلد لتفوز به جريدته، وأن معه أسئلة معدة من رئاسة التحرير زيادة في الحرص على نجاح المقابلة. فجأة ونحن نتناول غداءنا، وإذا بزميلنا "اياه" يدخل علينا، وفي يده حقيبة صغيرة الحجم تذكرنا بحقائب الحلاقين في ذلك الزمان القديم بها أوراقه، ويبدو عليه الانهاك والاحباط والتردد. عندما سألناه ببراءة – مصنوعة – أين كان قال في هدوء: أبداً كنت أتسوق.. وهنا – حبك – الموقف لصناعة مقلب ظريف معه، ولكنه كان مقلباً ساخناً جداً، وذلك عندما قال أحدنا موجهاً كلامه لآخر تعرف أن حديثي اليوم مع رئيس الوزراء كان جميلاً.. فالرجل كان رائعاً حيث رحب بي ترحيباً كبيراً فالتقط زميل آخر طرف الخيط قائلاً: كيف استطعت الحصول على هذا الحديث الواسع مع رئيس الوزراء؟ أبداً كان نتيجة تخطيط مسبق، وجهد كبير قبل وصولي الى هنا. كنا نلمح على وجه زميلنا الذي كان يتحرك بعيداً عنا انزعاجاً لا حدود له. فهو مطالب بالانفراد بحديث مع وزير الخارجية، وكان دؤوباً في الحصول على ذلك الحديث ليسجل سبقاً صحفياً لصحيفته، ولم يستطع ذلك بينما آخر يصل الى رئيس الوزراء فهذا معناه تقريعاً قاسياً من رئيسه. قال أحدنا: أعتقد انه من المناسب أن أخذ الحديث "لمجلتي" ننشره بالتزامن مع صحيفتك. فقال: لم لا.. طالما أنت في مجلة. وهنا صعد ثالث الموقف قائلاً: طيب لماذا لا تعطي الحديث – لفلان – يقصد صاحبنا الذي كان يتحرك – منعزلاً – باحثاً عن وزير الخارجية.. ومضى قائلاً نحن زملاء، وينشر الحديث في صحفنا جميعاً، وفي يوم واحد. فقال صاحب حديث رئيس مجلس الوزراء لما لا، ولكن لدي شرط أعطيكم ملخصاً للحديث.. عندها تفتحت أسارير صاحبنا، وبدأ في تناول الطعام بشهية ذلك الطعام الذي كاد يتحول الى قطعة من الثلج أمامه. عندها ذهبنا الى غرفة أحدنا تاركين صاحبنا يكمل غذاءه.. ورحنا نصيغ ذلك الملخص من الحديث مستخدمين بعض المفردات التي تمتاز بها لهجة ذلك البلد.. تحقيقاً لصدقية الحوار، وأعطي الملخص لذلك الزميل الذي طار به فرحاً فطيره الى صحيفته، ولم يلتزم بالتوقيت. وتم نشره، وكانت فضيحة بجلاجل – كما يقال – وكلفت صاحبناً الكثير أمام رئيسه وجريدته. هذه.. قصة سريعة من ذلك المشوار الملئ بكثير من أمثال هذه المواقف المحرجة.. والمضحكة.. ولكنها ساخنة في أحايين كثيرة جداً.