سجل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقفة جديدة مع لبنان، ضد ما يواجهه هذه الأيام من مخاطر الجماعات المسلحة والحرب الدائرة في مدينة عرسال الحدودية، وذلك بمبادرته بتقديم دعم إضافي لمؤسسة الجيش اللبناني وقوى الأمن تقدر بمليار دولار، لدعم وتعزيز مكانتهما في المحافظة على أمن البلد واستقراره. وجاء الإعلان عن تلك المبادرة على لسان رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري عبر مؤتمر صحفي عقده فجر الأربعاء في مدينة جدة. وقال الحريري للصحفيين "لقد شرفني خادم الحرمين بالإشراف على هذا العمل حيث تم الاتصال مع رئيس الحكومة والجهات العسكرية الأمنية، والبحث في الحاجات العسكرية الملحة لتطوير القوى الأمنية اللبنانية بالأجهزة المطلوبة لمكافحة الإرهاب والتطرف". ولم يفت الحريري أن يلقي باللائمة على حزب الله اللبناني، ويحمله مسؤولية ما تتعرض له بلدة "عرسال" من هجمات إرهابية ضد الجيش. أكد رئيس وزارء لبنان الأسبق سعد الحريري، أن دعم المليار دولار الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز للجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية لمحاربة الإرهاب والتطرف، الذي تتعرض له لبنان حاليا، يكفي لتجهيز القوى الأمنية لمكافحة الإرهاب. جاء ذلك التعليق خلال مؤتمر صحفي عقده الحريري، مساء أمس بجدة، للحديث عن مبادرة خادم الحرمين المتعلقة بلبنان خاصة بعد تعرض قوى الأمن والجيش للانتهاك من قبل المجموعات المسلحة التي خطفت عرسال وأهلها، وقال الحريري: "شرفني خادم الحرمين الشريفين، بالإشراف على هذا العمل حيث تمت الاتصالات مع رئيس الحكومة والجهات العسكرية الأمنية، والحاجات العسكرية الملحة لتطوير القوى الأمنية اللبنانية بالأجهزة المطلوبة لمكافحة الإرهاب والتطرف"، وأضاف "إن الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية المعنية بمكافحة الإرهاب كفوج 3 مثلاً غير مجهزة حيث تنقصها الكثير من المعدات والأجهزة اللازمة للقيام بهذه المهمة من أجل التدخل السريع لمكافحة المجموعات المسلحة الإرهابية، وبؤر التطرف"، وقال: "إن أي جهة شرعية تطالب بمساعدات للجيش اللبناني، سنلبيها بأسرع وقت ممكن، وما هذا الدعم إلا موضع تنفيذ ما ذكره خادم الحرمين الشريفين في خطابه الأخير بمكافحة الإرهاب". وقال سعد الحريري "إن الإرهاب لعنة نزلت على لبنان وشعبه، وإن الدعم السخي من مقام خادم الحرمين الشريفين، هو وقوف غير مستغرب منه حفظه الله، مع لبنان وشعبه لمكافحة آفة التطرف والإرهاب السرطاني الذي يضرب المنطقة، وبخاصة بعد أجواء ما يعرف بالربيع العربي". وأشار رئيس وزراء لبنان الأسبق إلى أن بلده يتعرض لحملة إرهابية منظمة، تفرض تطوراته إعلان "النفير العام" بين اللبنانيين ومكوناته السياسية المختلفة، إلا أن الرجل الذي أتى من خلفية عائلة سياسية ارتكز على المدلولات السياسية التي وردت في خطاب خام الحرمين الشريفين التاريخي الأخير، بشأن تصاعد موجة الإرهاب في لبنان، والتقصير الكبير في مكافحته من قبل دوائر المجتمع الدولي. وقال: "إن هناك قوى تهدد المنطقة بعاصفة من الإرهاب والفتن باسم الدين، وتشوه صورة الإسلام السمحة". وحمل الحريري، حزب الله مسؤولية الإرهاب الذي تتعرض له بلدة "عرسال"، الواقعة على سلسلة جبال لبنان الشرقية، وتشترك مع سورية بخطّ حدودي طوله 50 كيلو مترا، من قبل مجموعات مسلحة وصفها بـ "القوى الإرهابية"، مشددا على ضرورة مغادرة "المسلحين في عرسال الأراضي اللبنانية على الفور". ولم يبعد الحريري ما يجري في بلدة عرسال المعزولة نسبياً، والتي تبعد 122 كلم عن العاصمة بيروت، عن الواقعية السياسية في خطابه بأن ما يجري في لبنان ما هو إلا صورة من صور تصدير الحرب الدائرة بين نظام بشار الأسد الذي وصفه بـ"المجرم"، والثوار، ومساندة حزب الله للنظام الأسدي منذ بداية اندلاع الثورة، على حساب خيارات الشعب السوري، وقال: "لقد حذرنا مراراً أن تدخل حزب الله في الشؤون الداخلية السورية، ومساعدة النظام في تقتيل الشعب السوري، سيصدر الأزمة إلى الداخل اللبناني". وبين الحريري أن هناك مشاريع خارجية تحاول ضرب المنطقة العربية وتقسيمها، بما فيها لبنان، وأكد أن التدخل الإيراني في لبنان وسورية والعراق سبب رئيسي لمشاكل لبنان، منوهاً بضرورة مقاومة ذلك التدخل بشتى الطرق. ووصف الوريث السياسي لرفيق الحريري زعيم تيار المستقبل اللبناني كلاً من تدخل "حزب الله" في الأراضي السورية، والمجموعات المسلحة بـ "الجريمة الإرهابية"، مؤكداً في الوقت نفسه أن "التطرف والإرهاب بعيد عن أهل السنة واللبنانيين جميعاً". وختم الحريري حديثه في المؤتمر الصحفي بتوجيه دعوة إلى جميع مكونات الطيف السياسي اللبناني بضرورة نأي لبنان عن توريطه في حروب قريبة أو بعيدة، وضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية السيادية، وعدم التضحية بها، وأن تبقى الوحدة الداخلية بيد الشرعية وجيشها الوطني.