دعوة خادم الحرمين الشريفين أصحابَ الفضيلة العلماء والمشايخ ليقوموا بدورهم الضروري للدفاع عن الإسلام عبر التصدي لاختطافه من المتطرفين الذين شوهوه بأفعالهم، مثل هذه الدعوة الوطنية الصادقة نحتاجها على جبهة أخرى حيوية وهي الإعلام، نحتاجها حتى يطرح الإعلام رداء الكسل ويقف بصدق للدفاع عن بلادنا، فنحن الآن في مرحلة حرجة، وإذا الإعلام لم يقف بقوة مع جهود الدولة لصناعة إجماع وطني موحد حول الأوضاع الساخنة الجارية.. فمتى يقف إذن؟! السؤال: هل تحتاج قضايانا الوطنية المصيرية إلى من يستجدي الإعلام لتبنيها، بالذات عندما تواجه المملكة الآن ومعها مصر ودولة الإمارات هجمة شرسة منظمة نظرا لمواقفها القوية مما يجري من تحركات مريبة لنشر مساحة الفوضى والاضطراب في العالم العربي! إذا مؤسسات الإعلام لا تقوم بدورها انطلاقا من الإحساس بالمسؤولية الوطنية، فلماذا إذن دعم الدولة لهذه المؤسسات إذا كانت تتخلى عن دورها في هذه الظروف الصعبة. من متابعة ما يجري ومن توسع الهجوم المتواصل في وسائط التواصل الاجتماعي والمتعدد الجبهات، نجد أن (بعض) الإعلام المحلي والإعلام المحسوب علينا والممول بأموال مستثمرينا وكبار المعلنين من شركاتنا، مع الأسف لا يقوم بدور منظم يستهدف تعزيز مواقفنا الرسمية والشعبية الرافضة للإرهاب، والرافضة لتخريب المنطقة عبر المشروعين (الإسرائيلي والإيراني). الإعلام أصبح مشغولا بقضايا هامشية مثيرة، ويتبنى تأزيم هذه القضايا، وهناك من وضع له خطا واضحا حادا يستهدف الإقناع بتدهور وضعنا الداخلي، فلا يرى إلا: جانبا سلبيا في أداء مؤسسات الدولة، وقمعا للحريات، وإهدارا لحقوق المرأة، ووقوف المحاكم ضد متطلبات العدالة، ومدارس وجامعات تلقن التطرف، هكذا نوصف.. وفي إعلامنا! لقد نسيت هذه المؤسسات دورها الحيوي لتعزيز الجبهة الداخلية وقت الأزمات، انشغلت بالتوسع التجاري على حساب المهمة الأساسية، وأولويات القضايا الوطنية ليس لها الوضوح والبروز. هناك تشتت مزعج في المشهد الإعلامي، وفي الغالب ليس بسبب قلة الإحساس والوازع الوطني، لا يمكن أن يكون الوضع كذلك، فالنزعة الوطنية في إعلامنا لا يمكن التقليل منها أو التشكيك فيها، ربما يعود لعدم وجود التواصل والتنسيق الدائم بين قيادات العمل الإعلامي وقادة الرأي، ولعدم التواصل المنظم مع القيادات الوطنية. في أمريكا وفي الدول الأوروبية الكبرى، عندما تواجه هذه أزمات وتحديات خارجية يقف الإعلام بقوة مع مؤسسات الدولة رغم استقلاليته وتعدد مراجعه السياسية ومصالحه الحزبية، وهناك سلسلة من الدراسات توثق علميا وقوف الإعلام مع الحكومات رغم القرارات والمواقف الخاطئة لهذه الحكومات والتي قد لا يكون الإعلام راضيا وموافقا عليها. لكن هي النزعة الوطنية والإحساس بالمسؤولية تجاه الأحداث الساخنة، وضرورات صناعة الإجماع الوطني لضمان تماسك الجبهة الداخلية. أيضا هذا الانشغال الإعلامي ربما يعود لكون المؤسسات الإعلامية، من تلفزيونية وصحفية، انجرفت بقوة نحو السباق على الكسب المادي مع اشتداد المنافسة بينها وتذوقها حلاوة الأرباح المادية، فتغلبت لدى ملاكها الأهداف الربحية، وبالتالي يُخشى أن يكون موقفها وإدراكها للأزمات الوطنية هو: أن (للبيت ربا يحميه!). بالطبع.. ملاكها يحق لهم التطلع إلى العوائد المجزية لاستثماراتهم، ولكن الأهداف لها حدود وضوابط، فتوسع البيئة التنافسية لوسائل الإعلام لا يعني تجاهل القضايا الوطنية في رسالتها، بالذات، وقت الأزمات كما يحصل الآن وربما يتطور إلى ما هو أسوأ مستقبلا!.