في ذكرى اليوم العالمي للمسرح كتب معالي أمين الرياض المهندس عبدالله بن عبدالرحمن المقبل مقالاً عميقاً عن فن المسرح ودوره التربوي والاجتماعي المؤثر، وقد تشرفنا بنشر المقال في الثامن من شهر أبريل الماضي، وكانت كل كلمة فيه تدل على أن أمانة الرياض لم تعد تتعامل مع المسرح بفكر تسلوي فحسب، بل أيضاً بفكر ناضج يعي أهمية الفنون ودورها في تشكيل الوعي وبناء شخصية الإنسان. ولنا أن نقتبس من المقال هذه الفقرة التي كشف فيها المهندس عبدالله المقبل عن رؤيته للمسرح، قال فيها: "لذلك هو وسيلة فعالة من وسائل التعليم والتثقيف والتوعية، ويمكن أن يؤدي بكل وسائله وتفاصيله دوراً مؤثراً في تحقيق التنمية الشاملة بحسبانه رسالة موجهة للتأثير في تصحيح وترشيد الآراء والتوجهات، ولأنه يتمتع بجاذبية كبيرة من خلال الإمتاع الذي يكمن في النصوص والحوار والشخصية والموهبة والمؤثرات وعدد من العناصر الأخرى التي يحتويها. ومع أنه يتبادر إلى الذهن أن المسرح هو الفرجة والفرحة والترفيه، وهو كذلك، وبالرغم أن غالبية المسرحيات تتسم بالطابع الهزلي والبسيط، لكن الإقناع شرط مهم في العمل المسرحي الموجه، فلا أقصد بالمسرح مجرد المتعة لسد الفراغ، بل أقصد الوسيلة التربوية والتثقيفية لنقل المعرفة وبناء الشخصية والتوجهات". هذه الفقرة، والمقال بعمومه، يشي بتطور كبير في مفهوم المسرح بالنسبة إلى أمانة الرياض، خاصة مسرح العيد، الذي كان في السابق يستقطب الصالح والطالح من الفنانين، ويقدم أكبر عدد ممكن من المسرحيات من دون اهتمام بجودة محتوى هذه المسرحيات وقيمتها الفنية. ولأن رؤية الأمانة اختلفت فقد تغير واقع مسرح العيد هذا العام تغيراً كمياً ونوعياً وبشكل يؤكد أن إدارة هذا النشاط الفني المهم باتت تسير وفق وعي متطور وفهم فني عميق. وأول ما يمكن تسجيله في هذا الشأن هو قلة عدد المسرحيات المنتجة هذا العام، خاصة مسرحيات الكبار، فبعد أن كانت الأمانة تنتج ما لا يقل عن عشر مسرحيات، جلها سطحي، لم تنتج هذا العام سوى ثلاث مسرحيات فقط، وكانت ناجحة بشهادة الجمهور الذي ملأ مقاعدها طوال أيام العيد الثلاثة. لقد طبقت الأمانة قاعدة "الكيف أهم من الكم" تطبيقاً عملياً وقللت عدد المسرحيات لتتمكن من ضبط محتواها وضمان جودتها فكراً وتمثيلاً وإخراجاً. وقد أعطاها هذا القرار فرصة لاختيار أكبر عدد من النجوم الشباب في ثلاث مسرحيات بدل تفريقهم على عدد كبير من المسرحيات، ما زاد من قيمة مسرح العيد ورفع مستوى التمثيل فيه. إلى جانب أن التقليل أعطى المشاهدين فرصة رؤية جميع المسرحيات خلال أيام العيد وعدم فوات أي مسرحية عليهم كما كان يحدث في السابق. هذا القرار لا يمكن أن يأتي اعتباطاً ولا ارتجالاً، ومن يقرأ مقال المهندس عبدالله المقبل سيدرك أن الأمانة باتت تنظر للمسرح بمسؤولية ووعي وأن الأمر لم يعد ترفيهاً لمجرد الترفيه.