بيعت حقوق مسابقات كرة القدم السعودية، في ظروف غير شفافة، وانتهى كل ما يتعلق بالحقوق المادية بمجرد التوقيع على العقد. لكن هناك جوانب أغفلت ربما لضيق الوقت، وربما لأنها غائبة أصلاً عن ذهن صاحب الصلاحية الذي لا نعرف من هو، لكننا عرفنا فيما بعد أن رئيس رعاية الشباب كان طرفاً قوياً وحاسماً في المفاوضات، وهو من نؤمل أن يلحق بالعقد حقوقاً معنوية وثقافية واجتماعية غاية في الأهمية. العقد يمتد لـ 10 سنوات، وهي مدة كافية لبناء علاقة متينة بين المشاهد، والناقل الذي سيلعب دوراً مهماً في صناعة ثقافة الأجيال التي ما زالت في طور التشكل. بعض التجارب السابقة محبطة، حيث مارست بعض البرامج الرياضية للناقلين وغير الناقلين أساليب «رخيصة» لصناعة الإثارة المفتعلة، من أجل تسويق البرامج ورفع نسب المشاهدة، وكان هذا التسطيح المتعمد سبباً مباشراً في ارتفاع وتيرة التعصب الرياضي بشكل غير مسبوق. أسوأها تلك البرامج الحوارية/الخوارية التي تعتمد منهج «صراع الديكة»، عبر جلب أصحاب الصوت العالي –على فكرة هناك علاقة عكسية بين مستوى الصوت ومستوى الفكر- الذين نقلوا حوار المدرجات إلى شاشة التليفزيون، دونما اعتبار أو احترام للمشاهد، بتشجيع وتحريض وتصفيق من منتج البرنامج. ينبغي أن نتعظ من هذه التجارب بألاّ نكررها، وهذا يحتّم على الرئيس العام لرعاية الشباب –الرجل الذي نراهن على وعيه- أن يعتمد مع الناقل (مشروع جودة المنتج الإعلامي)، وهذا أمر غاية في الأهمية وحق ليس للمشاهد الرياضي وحسب، بل حق وطني، فهو لم يبعِ حقوقاً مادية فقط! باع صناعة ثقافة مجتمع شاملة بما فيها من مناهج تفكير وحوار، وتشكيل هويات أجيال ناشئة.