×
محافظة المنطقة الشرقية

45 متطوعاً ومتطوعة في مهرجان حفر الباطن

صورة الخبر

لاحظوا معي الحروب (الخمسة) المشتعلة في بلاد العرب الآن: حربٌ تشنها إسرائيل على غزة وأهل غزة الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً، سوى الإذعان لمعادلات من فضلوا الحرب على السلام، سواء من الصهاينة أو حماس، وسيصل المتحاربون قطعاً إلى اتفاق، أو هدنة، ليكتشف أهل غزة في النهاية أن حماس ومن هم وراء حماس ومن تنتمي لهم حماس أيديولوجياً هم من ضحوا بهم، ليخرجوهم من مأزقهم. في ليبيا، الذي صفق لثورتها العرب حينما أسقطت الزعيم المتسلط «معمر القذافي» - شبّت حربُ ضروس بين فئات شعبها، والخاسر هو ذلك الإنسان البسيط، الذي يريد أن يعيش آمناً مطمئناً، ويحافظ على حياته وحياة من يعول، ولا يهم بعد ذلك إن تسيّد عليه هذا الفرد من هذه القبيلة، أو آخر من هذه الأيديولوجيا؛ المهم أمنه واستقراره أولاً، ومن ثم كيف يتلمس سبل معيشته.، ودعك من جعجعات المؤدلجين والنخب وادعاءاتهم. وفي سوريا النظام الطائفي الحاكم يقاتل أنداده من الطائفيين أيضاً، وأعداد القتلى والضحايا من جميع الأطرف المتقاتلة يُناهز حسب آخر الإحصاءات المليون نسمة بين قتيل وجريح، واللاجئون ممن ليس لهم في هذه الحرب الطائفية لا ناقة ولا جمل تكتظ بهم المخيمات في دول الجوار، وهم بالملايين أيضاً. أما دمار المدن والقرى فحدث عنه ولا حرج. وليس هناك مؤشرات تشير إلى نهاية قريبة لهذه الحرب الطائفية. العراق، وحربه الضروس، هو أقرب ما يكون لمسرح اللامعقول حقيقة وليس مجازاً؛ يكفي أن تعرف أن (خلافة داعش) في الموصل، قد (حجّبت) كما تقول الأخبار القادمة من هناك (أثداء) الأبقار في الحقول، سداً للذريعة ـ وخوفاً من أن تُذكر (الداعشيين) هذه الأثداء الحمراء المنتفخة بأثداء النساء، فتغريهم على ممارسة الفاحشة مع النساء فيقع المحظور؛ ولا ندري حتى الآن هل أمر تحجيب أثداء الأبقار صادر من ديوان الخلافة، أم هو اجتهاد من أحد ولاة الخليفة في الأقاليم. أما اليمن، ومجريات أحداثها، فهي الحرب الخامسة التي تكاد تكون شبه منسية، فأخبارها، وأخبار مآسيها، وأعداد قتلاها وجرحاها تأتي دائماً في نهايات نشرات الأنباء، وأحياناً لا تأتي. أريدكم أن تبحثوا عن العامل المشترك لكل هذه الحروب الخمسة، والسبب الرئيس وراءها، ووراء مشعليها، والنافخين فيها؟ ستجد أنه حلم (الديمقراطية وصناديق الانتخابات). حماس أتت إلى حكم غزة من خلال صناديق الانتخابات، وعندما انتهت ولاية رئيس وزرائها، رفضت أن تتداول السلطة، وظلّ «هنية»، رئيس وزرائها المنتهية ولايته، وحكمت غزة بالحديد والنار، وتحولت حماس عملياً إلى (وسيلة للإيجار)، تُنفذ عمليات إقليمية، لمصالح الآخرين؛ ويدفع أهل غزة الثمن قتلى وجرحى ودماراً شاملاً. ليبيا وما يحصل فيها، والقتال بين مكونات شعبها، كان سببه الديمقراطية، وفشل صناديق الانتخابات في إقناع الإنسان الليبي بأن التحاكم لصناديق الانتخابات هو الحل. السوريون خرجوا ثائرين يتظاهرون في البداية يريدون (الديمقراطية). وليس لدي أدنى شك، أن من وقف مع الثورة السورية في بدايتها طلباً للديمقراطية، لو كان يعي مآلاتها التي انتهت إليها، لوقف بكل قوة ضد دعاتها. العراق غزاه الأمريكيون، وكان هدفهم إسقاط صدام حسين، واستبدال نظامه بنظام (ديمقراطي)، ثم خرج الأمريكيون منه، وبقيت صناديق الانتخابات التي جاءت بالمالكي ثلاث مرات متعاقبة، ليجعل العراق يدور في فلك حكم الملالي في طهران، وينفذ مصالحهم لا مصالح وطنه، لبواعث طائفية، فثارت طائفة السنة، وأنتجت حرباً دينية طائفية، ثم هذه المسخرة القادمة من الماضي السحيق والتي اسمها (دولة الخلافة)، اليمن منقسم على نفسه، ولا يمكن عملياً أن تجري فيه أية انتخابات ديمقراطية، لأن أهل اليمن، يقدمون (السلاح) على الرضوخ لنتائج الصناديق الانتخابية التي وعدت بها المبادرة الخليجية في أعقاب الثورة الأخيرة. وأرجو ألا يُفهم من كلامي أنني ضد الديمقراطية على الإطلاق، فهي بلا أدنى شك أفضل النظم السياسية للدول المتحضرة، والشعوب الواعية، ولكن أن تبني نظاماً ديمقراطياً في بيئة غير مهيأة له، ولم تُهيئ أرضها لتحمل تبعاته وأساساته وقواعده التي يرتكز عليها، فسوف ينهار حتماً. لذلك أقول وأكرر: أن تُقيم ديمقراطية قبل أن تُهيئ الفرد للتعامل مع هذه الديمقراطية، وأن يترك عنه موروثاته الثقافية الماضوية، فالنتيجة ستكون ما ترونه أمامكم من دماء ودمار وكوارث وحروب أهلية. إلى اللقاء.