×
محافظة القصيم

«الحارات القديمة» .. السنون الماضية تعود

صورة الخبر

عندما منح التاريخ فرصة للقيادة السعودية حولت الكوابيس في جزيرة العرب إلى أحلام هانئة واستعادت الجغرافيا مكانتها لتوطن السعوديين على حيز من أرض مروية بدماء الشهداء والصالحين ومر على ثراها الأنبياء والصحابة والصالحون من ملل ونحل شتى جيئة وذهابا منذ رحلة الشتاء والصيف ما عزز ثقافة التسامح ووطد أركان دين الإسلام النقي والصحيح نقلا والمقبول معناه عقلا، ولم يدع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سانحة من مناسبة إلا ولفت الشعب السعودي والشعوب العربية إلى حقائق مهمة تنبئ عن أصالة موقف رجل الدولة ونبالة الوعي الإنساني، فنحن على كوكب الأرض لسنا بمعزل عن عالم حولنا يمور بالأحداث الجسام مورا، ومن يصغي لكلمات الملك عبدالله في تهنئته لشعبه وأمتيه العربية والإسلامية برمضان والعيد يدرك أن بعض الاجتهادات الخاطئة من ساسة عرب ودعاة مسلمين وشباب مغرر بهم أومدفوعين بعاطفة، كل ذلك أوقعنا في فخ تحديات حرجة فالعرب اليوم ليسوا في أفضل حالاتهم على مستوى كثير من البنى والتقدم وإنجاز مشروع التحديث المتحضر، والمسلمون مستهدفون من بعضهم ومن متربصين بهم، ووطننا موضع مطامع الحاسدين والحاقدين والسماسرة ما يعني أننا في زمن أسئلته أهم من إجاباته، والخروج من الأزمات لم تعد مسالكه العنتريات والاصطدام بالجبهات للوقوع في مزيد من الخسائر والتنازلات، وخادم الحرمين الشريفين يؤكد دوما أن الشعوب والدول لم تجن من الصراعات والحروب والمنافسات الشرسة سوى القلاقل والخلل الاقتصادي والاجتماعي والعزلة وينطلق الملك عبدالله من الدين باعتباره رحمة للعالمين ومنهج حوار وتعايش حضاري وإنساني ليتساءل حفظه الله عمن أشعل الفتنة وأيقظ نائمها من المغرضين وتجار الدين والحائرين فكريا وروحيا وما ترتب على ذلك من تبعات يتحمل وزرها مع شديد الأسف العقلاء وفي مقدمتهم المملكة بالطبع، ويتحفظ أبو متعب على من يخلطون بين الأهواء وبين الدين، ومن يعمقون الهوة بين الدين الحضاري التوجه وبين التدين العبثي المحكوم بتفسيرات متحجرة تشوه الحياة ولا تحقق متطلبات كريمة للآدميين وهنا تتجلى رؤية وتوجه السياسة السعودية في أن الإسلام الوسطي منهج أصيل في ذهن وممارسة صانع القرار، إلا أن الوسطية لا تعني ممالأة المتشددين ولا مناورة المتحزبين ولا الميل مع المفسدين والمخربين والعابثين، وما إعلان الملك لمثل هذه المبادئ إلا توجيه رسائل للداخل والخارج لقطع كف المزايدة باسم الدين، ولا ريب أن خادم الحرمين الشريفين ذو نزعة عروبية أصيلة لم يغفل ما تمر به دول وشعوب المنطقة العربية، مع مراعاة حساسية بعض القضايا ما يؤصل التضامن مع الشعوب ودعم الأنظمة التي ترتضيها دون تدخل في آليات وسياسات أي دولة، وذلك من احترام السيادة والاستقلال، وبرغم كل الأيادي البيضاء الباذلة بسخاء للأشقاء والأصدقاء إلا أن الملك عبدالله يتحاشى أن يتبع ما تنفقه المملكة منا أو أذى فالصدقة القليلة تدفع بلاء كثيرا وما يفعل الإنسان من خير لا يعدم جوازيه إذ لا يذهب المعروف سدى بين الله والناس. وتظل القضية الفلسطينية أم القضايا التي تبنتها المملكة ومازالت تتبناها لأنها لم تفقد صلتها بالزمن ولم تقطع أواصر الإخاء وإن وقع التطاول من البعض وكل كلمة لخادم الحرمين في مناسبة دينية أو وطنية أو عربية تتضمن تصريحا بالموقف السعودي المتضامن قولا وفعلا مع عدالة القضية الفلسطينية المجمع عليها من شعب واع بحقوقه وبآليات المطالبة بها والقائم على التنفيذ سلطة وحكومة مرتضاة من المواطنين دون تحزبات ولا شعارات ولا ممارسات اجتهادية مورطة في الجحيم، ولم تغب عن ذهن قائدنا وأبينا معاناة الإنسان في كل جزء من عالمنا العربي والإنساني بعامة، إلا أن السعودية قيادة وشعبا تدرك المسافة بين الممكن والمستحيل والخبرة الإدارية لقادة السعودية توطد مواقفهم وتوجهاتهم في سبيل إرساء الحق وإقامة العدل وتحقيق الخير والنفع للبشرية لتكون دائما في أول القوافل المؤدية واجب الدين والإخوة الإنسانية لكل شعوب الأرض إلا أن هذا لا يعني الاستجابة لكل صوت ملفق يعرقل مسيرة سلام أو يبعثر جهود التعايش أو يخل بمفهوم الوفاء بالعهود والمواثيق والالتزامات ليربك المستقبل باستدعاء أزمات الماضي، وبما أن التوازن سمة للسياسة السعودية فلم يفت الملك عبدالله دعوة الضمير العالمي وساسة العالم الأول إلى التحرك الإيجابي تجاه قضايا الشعوب المضطهدة والقيام بالدور المطلوب بحزم وحكمة وسعة أفق دون إهمال أو تنازل عن الثوابت الشرعية والوطنية، ولعل القارئ لسطور خطابات الملك عبدالله يدرك مستوى صراحتها وإعلانها مواقفها دون مراوغة ولا ارتياب ولا ترك مساحة لمن يترصد بين السطور، ومجمل القول إن كل كلمة ألقاها حفظه الله لم تخل من نزعة دينية أصيلة تعزز مفهوم الانتماء لهذا الدين العظيم ولم تغفل الحقوق العربية وواجبنا قيادة وشعبا تجاهها ولم تضع الحواجز دون التواصل الإنساني الفاعل مع كل المسالمين في الأرض والتفريق بوعي بين نضال الشرفاء وبين نزال السماسرة وتجار القضايا ما يجعلنا نصف مواقف خادم الحرمين بالعالمية والإنسانية وهو بلا ريب قائد فطن، عقله مع شعبه، إلا أن قلبه واحة وارفة الظلال والنماء لكل محب للخير والعدل والجمال.