نشرت "الاقتصادية" تقريرا بعنوان "دول الخليج توحد أسعار الأدوية مطلع العام المقبل"، وذلك ضمن استراتيجية تهدف إلى تخفيض أسعار بعض الأدوية والحفاظ على ثباتها، وكذلك على توافرها في الأسواق الخليجية، ويتوقع أن يتم ذلك من خلال تخفيض هوامش الأرباح لوكلاء الأدوية والصيدليات. تخفيض أسعار الأدوية، نظرا لضرورتها الحيوية للمستهلك، لا شك أنه هدف نبيل، غير أنه من الناحية العملية سيصعب إلزام الوكلاء وموزعي الأدوية بالأسعار المحددة من دون أن يتم التدخل من جانب الدولة، لدعم مستهلكي الدواء بتحمل الفرق بين أسعار التوزيع لها والسعر المحدد في إطار عملية التوحيد. ذلك أنه من الناحية العملية لا يمكن فرض سعر موحد لسلعة في أسواق تختلف من حيث الحجم ومستوى الدخول، فما يصلح لسوق كبير مثل السعودية قد لا يصلح لسوق صغير مثل قطر، وقدرة المستهلك الكويتي أو الإماراتي تختلف عن قدرة المستهلك البحريني، لذلك أعتقد أن عملية التوحيد حتى لو تم إقرارها ستواجه صعوبات في التطبيق من الناحية العملية، وربما تظل السياسة مجرد حبر على ورق. لتجنب ذلك لا بد من طرح حلول أخرى أكثر واقعية وفي الوقت ذاته تحقق الهدف ذاته، على سبيل المثال الدعم المباشر لمستهلكي بعض أنواع الأدوية لضمان حصولهم على الكميات المناسبة منها، والبعد عن الإجراءات السيادية في عمليات التسعير، فقد أثبتت التجارب الدولية فشل مثل هذه المداخل في عمليات التدخل في الأسواق، خصوصا إذا كانت الأسعار المفروضة غير واقعية.