×
محافظة المنطقة الشرقية

استشهاد شاب فلسطيني بعد اعتقاله من منزله إصابات واعتقالات خلال مواجهات في مخيم جنين

صورة الخبر

كنت قد كتبت في هذه الزاوية مقالتين عن الرئيس باراك أوباما .. على أثر ذلك الحماس وتلك الحفاوة التي رافقت مجيء هذا الرئيس إلى البيت الأبيض .. كانت المقالة الأولى بعنوان "واأوباماه!!" وكانت الثانية بعنوان "واأوباماه .. أيضا" وكان مصدر تحفظي على تلك الحفاوة بالأساس هو حجم "العشم" العربي بالتعويل على أنه سيكون قادراً على إنجاز ما لم ينجزه أسلافه بشأن القضية الفلسطينية وأنه قادر على فعل سحري يعيد للعدالة مجراها لمصلحة تلك الحقوق المهدرة. لقد جاء أوباما على أكتاف عصاميته ونباهته، لكن أيضا على أكتاف حماس الشباب الطالع في أمريكا، فقد استطعموا في كلماته مذاقا غير مألوف ونشيدا إنسانيا جذابا دفعهم إلى قيادة حملته بدراهمهم وبوسائل اتصالهم الاجتماعية, وعزز هذا الاندفاع وراءه ما خلفته سياسة المحافظين الجدد بزعامة بوش الابن من كوارث حرقت أسهم الجمهوريين وما كان بوسع أي مرشح لهم أن يفوز مهما كانت امتيازاته. براعة أوباما الخطابية أدهشت العرب أيضاً .. وبالذات في خطبته المدوية في القاهرة وخطبته الأخرى في تركيا .. قال كلمات ملساء صعدت بآمال العرب إلى متن سحب التوقعات العراض سواء فيما يخص مبادرة السلام العربية والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين أو معزوفة حقوق الإنسان وحوار الحضارات والمصالحة بين غرب وشرق. لقد مرت قرابة ست سنوات من عمر أوباما الرئاسي، دهست فيها غشامة العدوان الإسرائيلي قطاع غزة، وقضمت المستوطنات أراضي السلطة في الضفة، وأصاب الإغماء مسار المفاوضات وتم نسيان مبادرة السلام العربية، وطاردت ممانعات أمريكا حق تمتع دولة فلسطين بمقعد لها في الأمم المتحدة، بل حتى حقها في عضوية منظمة اليونسكو .. ناهيك عن مفرمة الرعب والعنف التي لم تتوقف في العراق وغض الطرف عن تلاعب إيران بمصيره .. ومماطلاتها في برنامجها النووي، فضلا عن مناكفات روسيا والصين وكوريا الشمالية حتى حزب الله. وعندما تفجرت أحداث الربيع العربي، خصوصاً في مصر، خرج أوباما ليقول لحشود جماهير ميدان التحرير: (إنكم تلهموننا) لكن هذا الإلهام أسفر عن هوى (إخواني).. وبقية القصة باتت مكشوفة بما تلاها من استبسال مراوغ لمصلحة الرئيس مرسي على حساب إصرار الملايين من شعب مصر على لفظه خارج التاريخ! في الداخل لم يكسب أوباما معركته مع السلاح ولا مع التأمين الصحي وتشغيل البطالة وطأطأ رأسه للمثليين .. مثلما أنه لم يلجم الدّين العام وانحاز لرجال المصارف والمؤسسات المالية والشركات الكبرى في التمويل من أموال دافعي الضرائب ومَن فقدوا بيوتهم وباتوا في العراء لمعالجة الأزمة الاقتصادية .. وعلى المستوى الدولي بهت بريق الخارجية في عهده .. فلم تكن هيلاري كلينتون وزيرة خارجيته الأولى سوى رحالة تصريحات هشة دون ثقل وكاريزما عظمة أمريكا المعهودة، ولعل معيار اختياره الأساسي لها لمجرد أنها فقط كانت منافسته على الرئاسة فعمد إلى إزاحتها بهذا المنصب، وتكرر سوء الاختيار مع الوزير الجديد للخارجية جون كيري فهو تاريخياً حصان خاسر في سباق الرئاسة السابق مع جورج بوش الابن في دورته الثانية، وليس الارتباك في أدائه الراهن بخاف من مواقفه المتناقضة وفيها تحدي إسرائيل السافر بقضمة جديدة من المستوطنات قبل أن يجتمع الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي معه فيما سماه المفاوضات المباشرة ... فأين معايير أوباما في هذين الاختيارين من معايير من اختاروا كيسنجر، بيكر، كريستوفر، مادلين أولبرايت وغيرهم؟! قبل نحو عام حين لم يعد خافياً، وبالذات على المخابرات المركزية الأمريكية، أن الطاغية بشار الأسد قد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، خرج أوباما بتحذير "الخط الأحمر" إلا أن خطه الأحمر أخذ يزداد عرضاً حتى صعق العالم باستهتار الطاغية بشار بقتل أكثر من 1400 إنسان بينهم أكثر من 400 طفل بسلاحه الكيماوي في وضح النهار ليتحامل أوباما على تردده بضرورة توجيه ضربة (محدودة تأديبية!) لنظام بشار، لكن حتى هذه الضربة دخلت في مزاد التردد نفسه، ولا سيما بعد رفض البرلمان البريطاني (الداهية) المشاركة في هذه العملية، فعاد أوباما ليدغم قرار الضربة بموافقة الكونجرس عليها .. فيما البسطاء بعلم السياسة يتساءلون: لماذا لم يتدبر أمره قبل أن يفتح فمه؟! ليس في الأمر تحامل على السيد الرئيس وليس حماساً لـ (شر لا بد منه) .. وإنما لكي أعود فأكرر أن "واأوباماه" التي أشرت إليها ليست هي فقط "عشم" في غير محله، بل سيسجل التاريخ أن أمريكا التي برهنت على عظمة تجاوزها لميراث بغيض من العنصرية بانتخابه لن تجد في ميراث هذا الرجل ما يشفع له (رغم كونه أول رئيس أسود) ليوضع إلى جانب العظماء من رؤساء أمريكا، فلم يثبت أنه فارس سلام حتى إن توَّجوه في مستهل عهده بجائزة نوبل للسلام قبل أن يفعل للسلام شيئا، وحتما لن يحظى بفروسية محارب حتى لو نفذ ضربته .. ولم تكن أمريكا أشد ضعفا وأقل مهابة إلا في عهده .. ولن يبقى منه سوى أنه خطيب مفوَّه فقط!