هذه المرة، لم يستطع مسلسل «باب الحارة» بجزئه السادس أن يستأثر بقلوب الجمهور، مخيبا آمال مشاهديه على عكس طبيعة الدراما السورية، إذ لم يقدم ما كان مأمولا منه، بل واتهمه البعض من النقاد بتشويه تاريخ دمشق. ففي دمشق الثلاثينات كانت الحياة متطورة بصورة أكثر وضوحا مما عرضه مسلسل «باب الحارة»، فلم تكن المرأة الشامية طباخة، نمامة، تتنظر ابن عمها ليرضى عنها، وصور التظاهرات النسائية التي كانت تملأ شوارع دمشق تشهد، ناهيك عن الطبيبات والمدرسات وغيرهن من بنات دمشق، اللواتي كن يذهبن للسينما والمسرح ويسمعن أغنيات عبدالوهاب وأم كلثوم. في دمشق لم تكن الحياة مجرد شوارب بلاستيكية وشبريات وعنتريات وأصوات خشنة وعقول متحجرة، كان فيها «ترامواي» ومصارف وأحزاب سياسية، وأشهر مجمع للغة العربية، وشخصيات وطنية تقارع فرنسا كما فعل فارس الخوري في عصبة الأمم. صورة دمشق ليست الحلاق والفران والقهوجي والخضرجي والحداد، كان هناك مجتمع آخر لم يره صناع المسلسل، لذلك أغلقوا باب حارتكم على عناتركم، ودعوا تاريخ دمشق لأهلها. وحول ما صوره المسلسل من صورة ذهنية، قال الصحفي والناقد السوري ماهر منصور: يمضي مسلسل «باب الحارة» في جزئه الأخير خطوة إلى الأمام ويعود ليتراجع خطوة إلى الوراء لتكون النتيجة تحرك بتأثير الثبات، فبعض العافية التي أصابت المسلسل أطاح بها محاولة صناع العمل لي ذراع الحكاية والبناء لدرامي للشخصيات ليصح إسقاطها رمزيا على ما يحدث اليوم في سوريا، هكذا شهدنا تفتح وعي طارئ على شخصيات على نحو لا يتناسب وتاريخ تلك الشخصيات في الأجزاء السابقة. وأضاف كان من المجدي أكثر إدخال شخصيات تحمل ذلك الوعي التنويري الطارئ لا تحميله لأبي عصام. قائمة طويلة من المظاهر كان المطلوب تصحيحها في المسلسل عن الشام مادام العمل اختار تحديد زمان لحكايته وأدخل الحارة في معترك أحداث تاريخية بعينها منها مقاومة مشروع التقسيم في سوريا، إلا أن ذلك لم يحدث فبقيت الحارة على حالها دون إطلالة لمتعلم أو طبيب أو محام، ودون مظاهر مدنية تشبه صورة المجتمع الدمشقي في ذلك الوقت. ربما الحكاية فرضت هذا الشكل، ولكن ألم يكن من باب أولى العودة بحكاية مسلسل باب الحارة إلى حكاية تشبه حكايات الجدات، تمضي بشكل أفقي صوب مقولة قيمية واضحة، بلا تحديد زماني أو مكاني للأحداث، وقتها فقط لن نطالب أحدا بملامح الفترة الزمنية، وسنقبل أن يكون للخيال الغرائبي حكمه وكلمته العليا. ولفت منصور إلى أن الخطأ الكبير الذي كان واضحا في المسلسل هو إلغاء كلمة الثوار وإلغاء دور أهالي الغوطة في تلك الفترة، بالإضافة إلى تحميل المسلسل رسائل سياسية أكثر مما يحتمل مما أدى إلى تشوه تاريخ سوريا. وأوضح الناقد السوري أنه تم تشويه الكتلة الوطنية السورية على أنهم جماعة عملها فقط الانشقاقات، فيما كان لها دور كبير في تلك الفترة وتحظى باحترام السوريين، وليس كالطريقة التسخيفية التي تم الحديث عنها في المسلسل من قبل أبو عصام.