هل يمكن اعتبار ما يجري في الأردن لعبة سياسية يراد منها اختبار موقف الرأي العام فيما يتعلق بموقف الحكومة من تأييد أو رفض توجيه ضربة عسكرية إلى سورية باستخدام ما اصطاح على تسميته بـ «بالونات الاختبار»؟ علامات استفهام كبيرة على موقف الحكومة فخلال الـ 72 ساعة الماضية حدثت جملة من المواقف المزدوجة كان محورها الحكومة والبرلمان على السواء وإن كانت هذه المواقف متناقضية لكنها فيما يبدو شكلت مجسات لقياس موقف الرأي العام من سورية. الحدث الأول وقع عندما أعلن (77) نائبا في البرلمان الأردني من أصل 150 نائبًا معارضتهم الشديدة لأي تدخل أجنبي أو أي هجوم عسكري على سوريا مطالبين بجلسة عاجلة وبالسرعة الممكنة مع الحكومة لمناقشة إمكانات واستعدادات الدولة لتطور الأوضاع في سوريا.. وطالب النواب في مذكرة رفعوها إلى رئيس مجلس النواب سعد هايل السرور بمناقشة موقف الأردن الرسمي من الضربة العسكرية، التي يعد لها من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ودان الموقعون على المذكرة التي تبناها النائب الأول لرئيس مجلس النواب خليل عطية كل عمليات التقتيل والتهجير القصري، الذي يتعرض له الشعب السوري، داعين كل الأطراف السياسية في سوريا إلى الحوار السياسي للخروج من الأزمة. المراقبون انتظروا تنفيذ طلب النواب الـ 77 لعقد جلسة طارئة للبرلمان لبحث تداعيات الأزمة السورية والموقف من توجيه ضربة عسكرية للنظام بشار الأسد غير أن الجلسة لم تعقد دون أي يتمكن أحد من معرفة الأسباب غير أن «الراصد البرلماني» وهو مؤسسة مدنية تعنى بمتابعة أداء البرلمان كشف أمس ما لم يتوقعه أحد عندما أعلن أن المذكرة الموقعة من 77 نائبًا لعقد جلسة طارئة لمناقشة التهديدات بضرب سوريا لم تسجل رسميًا في سجلات مجلس النواب، وما دامت لم تسجل فإن جلسة من هذا الطراز لا يمكن أن تعقد. الحدث الثاني كان بطله رئيس الوزراء عبدالله النسور عندما نسف كل مواقفه السابقة حيال الموقف من سورية، وأعلن عبر هيئة الإذاعة البريطانية، أن الأردن يؤيد توجيه ضربة عسكرية إلى سورية. تصريحات رئيس الوزراء المفاجئة خلق أزمة سياسية وبرلمانية في البلاد، مما دفع النسور إلى إعادة تأكيد الموقف الأردني الرسمي المعارض للتدخل في الشأن السوري والداعي إلى حل الأزمة في الأطر السياسية غير أن اللافت أن رئيس الوزراء الأردني لم يلجأ إلى الإعلام الحكومي وتحديدا وكالة الأنباء الرسمية في نفي تصريحات هيئة الإذاعة البريطانية، بل اختار صفحاته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و»تويتر» لتكون ساحة لنفيه. الحدث الثالث وهو ما شغل الصالونات السياسية والبرلمان في عمان والمتمثل في خبر الزيارة الخاصة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لعدة ساعات إلى جهة غير معلومة، حيث اكتفى القصر الملكي بإعلان مغادرة الملك في زيارة خاصة لم يذكر وجهتها وبعد ساعات أعلن عودته دون أن يعلن الجهة التي زارها. ثلاثة أحداث هامة شغلت وتشغل الرأي العام الأردني مع ارتفاع وتيرة الاستعدادات لتوجه ضربة عسكرية إلى سورية مع تصاعد نغمة عدم التدخل الأردني في أي مرحلة من مراحل الضربة العسكرية المرتقبة. أي كانت التفاصيل السرية لهذه الأحداث إلا أنه يبقى مهما أنها أعادت إلى الأذهان أحياء سياسية بالونات الاختبار السياسية عبر مجسات جديدة لقياس الرأي.