بهذه الكلمة نودع شهر رمضان المبارك بكلمة فوق الكلمات ومعنى فوق المعاني هي الصداقة. كلمة تسرح بها في خيالك لعلك تصل إلى بحر ليس له قرار، كلمة تحلم بها دائما تتمناها، تتوق لتحقيقها. هذه الكلمة ليست كالحروف بل لها معان وضعها الخالق بلغة القرآن. ص: الصدق، د: الدم الواحد، ي: يد واحدة، ق: قلب واحد. الصداقة كالمظلّة كلما اشتد المطر كلما ازدادت الحاجة لها. الصداقة لا تغيب مثلما تغيب الشمس، الصداقة لا تذوب مثلما يذوب الثلج، الصداقة لا تموت إلا إذا مات الوفاء. الصداقة ود وإيمان، الصداقة حلم وكيان يسكن الوجدان، الصداقة لا توزن بميزان ولا تقدر بأثمان فلا بد منها لكل إنسان. ثمار الأرض تجنى كل موسم لكن ثمار الصداقة تجنى كل لحظة. الصداقة هي الوردة التي لا أشواك فيها. الصداقة عصفور بلا أجنحة، وهل يوجد صديق في هذا الزمان؟ الصديق الحقيقي هو الصديق الذي تكون معه كما تكون وحدك. الصديق هو الذي يقبل عذرك ويسامحك إذا أخطأت ويسد مسدك في غيابك. لعلك تحاول الوصول لها وقد لا تصل فاعلم أنك ستجد في النهاية أروع مما كنت تتوقع. شخص عزيز وفي بئر لكل أسرارك لتبني معه أقوى جسر لا تهدمه الرياح مهما كانت قوتها ستجد في النهاية شخصا يعينك يبكي لبكائك، أخا يساندك يعاونك. ما أجمل أن يكون لديك إنسان كاتم للسر حافظ للعهد وفي للوعد صادق اللسان والقلب فإذا كنت تملك هذا الشخص فهنيئا لك به فقد ربحت فحافظ عليه كعينيك واشكر ألله على نعمته عليك. إنسان كهذا في هذا الزمان الذي نعيشه كنز مفقود إذا وجدته لا تجعله يضيع منك هباء. العمر يمضي كنبضات القلب والحياة تسير وتستمر بمصائبها وروائعها. والآمر الذي يجعل الحياة رائعة عندما تلتقي بصديق وفي لك مخلص يدافع عنك حتى بأتفه الأسباب وأقلها عندما تمرض يشعر بك حتى وإن لم يكلمك؟ عندما تمر بأزمة يصبح هو الشخص الأول الذي يقف بجانبك ولا ينتظر منك أي مقابل، عندما تفرح يفرح معك، عندما تحزن تسود بعينيه الدنيا. إذا اغتابك أحد يدافع عنك كالأسد الهائج يقوم بإطرائك وذكر مميزاتك وإخفاء عيوبك عند الآخرين، يقوم بتغطية أخطائك ثم يقومها لك يفعل المستحيل من أجل رسم الفرح على وجهك. مهما جرى بينكما من سوء تفاهم أو خلاف بوجهات النظر أو مشكلة لا يأخذها بقلبه بل ينساها لأنه صديق. هذه هي صفات الصديق الصدوق الوفي. كان والدي (يرحمه الله) يردد لي مقولته: يا بني إن الصديق هو نفس واحدة في جسدين. عبر السبعة عقود التي عشتها لم أعرف عن أصدقاء بهذه الصفات إلا ثلاثة فقط عرفتهم عن قرب فهم (يرحمهم الله) السيد سامي كتبي والسيد عمر بن يوسف عبد ربه ووالدي السيد معتوق. بقربي لهؤلاء شعرت بمعنى الصداقة الحقيقية بعضهم ببعض فكانوا (يرحمهم الله) يتمتعون بكل ما سبق من صفات الصديق والصداقة. يقول الشاعر: تثق في أخ لم تلده أمك، ولكن ولدته لك الأيام فإذا كان أجمل ما في الورد الرحيق فإن أجمل ما في الدنيا الصديق.