ربما يكون المزاج العام في البلد غير مواتٍ لأي حديث عن حقوق العمالة المنزلية، فقصص الخادمات اللاتي يرتكبن أعمالاً إجرامية بما فيها القتل تملأ الصحف والمواقع الإلكترونية. أما «هروب الخادمات» فهو مسلسل طويل من العذاب لا نهاية له. كل ذلك ينبغي ألاَّ يمنعنا من أن نكون عادلين. فليس كل الخادمات مجرمات وقاتلات وليس جميع من يستقدمون الخادمات هم من الملائكة. هناك أشرار وهناك طيبون في الفريقين. لكن الشيء المهم، الآن، هو أن هناك معاهدة دولية للعمالة المنزلية صدرت من منظمة العمل الدولية ودخلت حيز التنفيذ قبل أيام، وتحديداً في الخامس من شهر سبتمبر الجاري. وهي معاهدة ملزمة يتتابع تصديقُ دولِ العالم الأعضاء في المنظمة عليها. تهدف هذه المعاهدة إلى حماية ملايين البشر العاملين في مجال الخدمة المنزلية. وقد كان ولا يزال العاملون في قطاع الخدمة المنزلية ضمن الفئات العمالية الأقل تنظيماً وحماية في قوانين العمل الوطنية في جميع دول العالم. وتزخر الكتب والمجلات والمواقع المتخصصة بقصص الاستغلال المؤلم لهذه الفئات الضعيفة من العمالة، وهي في الغالب فئات مسحوقة تعمل خارج بلادها وتجهل حقوقها وواجباتها وتعاني من اختلاف الثقافات الاجتماعية السائدة في البلدان التي تعمل فيها عما يسود بلدانها من ثقافات وعادات وتقاليد مما يجر عليها الكثير من المتاعب وسوء الفهم. وحتى عندما تكون هناك قوانين تنظم عمل العمالة المنزلية في بعض البلدان فإن من الصعب تطبيقها لأن بيئة العمل المنزلي تختلف عن بيئة العمل في المؤسسات المنظَّمة باعتبار أن للبيوت حرمتها وخصوصيتها مما يعرقل عملية التفتيش العمالي والتأكد من الوقائع بشكل محايد. نحن مجتمع يعتمد إلى حدٍ كبير على العمالة المنزلية، ونحن أيضا جزء من العالم بكل ما فيه من خير وشر، ونتمتع بعضوية منظمة العمل الدولية ولا يمكن أن نكون خارج السياق العالمي. لكن هناك من يعتقد أننا نستطيع أن نملي على الآخرين كل ما نريد، وقد عارض كثيرون لائحة عمل خدم المنازل ومن في حكمهم لأنها تضمنت أشياء لم نتعود عليها رغم أنها أصبحت من الحقوق الأساسية للناس في كل مكان. أعتقد أن المعاهدة الدولية لعمال الخدمة المنزلية تأتي بمثابة جرس إنذار للتنبيه بما يتعين علينا فعله في المستقبل القريب بشأن العمالة المنزلية. ففي النهاية، يجب أن نتذكر أن العلاقة التي تربط هذه العمالة بمن يستقدمها هي «علاقة عمل» كالعلاقة بين أي موظف والجهة التي يعمل لديها وأن كلمة «كفيل» التي نتداولها هي مجرد اصطلاح شعبي لا وجود له الآن في أنظمتنا. وهذا بالتأكيد لا يعني أن من يستقدم هذه العمالة المنزلية ليس له حقوق على تلك العمالة مثلما أن عليه واجبات أيضا، ولا يقلل من أهمية انتزاع مزايا عادلة لرب العمل في أي مفوضات مع الدول المرسلة لتلك العمالة. alhumaidak@gmail.com ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر